إفيه يكتبه روبير الفارس: السبب الثالث
من المفترض أن يتمتع الوسط الثقافي بسمة أساسية وهي التسامح لأنه يقوم على التعددية والتنوع والاختلاف.
ولكن المؤسف أننا إذا تأملنا بعض جوانب هذه البيئة نجد مظاهر التعصب البغيض التي أصابتها أيضاً، ويتجلى ذلك جلياً في إقصاء أسماء كبيرة من المفكرين العظام، الذين سقطوا من الاحتفاء الضروري والأساسي بما قدموه من جهد ودور على طريق النهضة المصرية الحديثة، والذي يعد هذا التعصب البغيض أحد العوائق الرئيسية أمام تحقيقها.
وفي هذا السياق، يمكن ذكر أربعة أسماء مهمة – على سبيل المثال فقط وليس الحصر:
أولهم الكاتب الكبير سلامة موسى (1887-1958)، وقد نشر عنه مؤخرا الكاتب الأستاذ شعبان يوسف سلسلة مقالات ثرية بعنوان (وقائع اغتيال معلن)، كشف فيها عن أسباب كثيرة لكراهية البعض لهذا المفكر الكبير، رائد نشر الفكر الاشتراكي، والفكر العلمي، وناقد التراث العربي القديم، وكان في العموم متقدما على عصره في مجالات عديدة. وقد أوضح المبدع أسامة ريان في تعليق مقتضب ومختصر أن (مصدر الصراع مع سلامة هو كتابه المبكر عن (نظرية التطور وأصل الإنسان)، الذي صدرت طبعته الأولى سنة 1925، مما جعل الأصوليين يتكتلون عليه، على اختلاف مواقعهم وانتماءاتهم، ومن دون تدبر، بالاتهامات، وبدا الأمر وكأنه نوع من الظهور بين من لا يرى بوضوح).
والثاني الناقد الدكتور لويس عواد (1915-1990) الذي ارتكز مشروعه الفكري على الدور النقدي للمثقف، ومحاربة تجميد الفكر وتقديس ماضي الثقافة العربية، ولا يمكن أن نذكر اسم لويس عواد دون أن نذكر كتابه المثير للجدل “مقدمة في علم اللغة العربية”، والذي أثار حفيظة بعض المثقفين، وطالبوا بمصادرته لأنه هاجم في نظرهم ثوابت كثيرة حول أصل العرب وأصل لغتهم.
وثالث هؤلاء هو الناقد الدكتور غالي شكري (1935-1998)، صاحب الدراسات النقدية العميقة والمتعددة، والذي حصل على الدكتوراه من جامعة السوربون بأطروحة بعنوان «النهضة والسقوط في الفكر المصري الحديث».
للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .
اكتشاف المزيد من رأي الأمة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.