مقالات

الدكتور علي فرغلي عثمان يكتب/ نيويورك ٢٠٠٧.. المريض أولًا

مقابلة العمل في نيويورك

ذهبت لأول مرة الي نيويورك في رحلة البحث عن فرصة للتدريب في هذة المدينة المخيفة…. هذة المدينة لا تنام حقًا… معظم من يذهبون للعمل يستيقظون في الخامسة صباحا او قبل ذلك.. الاف البشر يجوبون شوارع نيويورك المزدحمة قبل شروق الشمس.. الجميع على عجل … الكثيرون يحملون قهوة الصباح وحقائب العمل مهرولين… نظرة واحدة في وجوهم تعرف كم يعاني الانسان في هذة المدينة المخيفة والرائعة في نفس الوقت…. في طريقي الي المستشفي تمنيت لو اني لم أغادر بلدتي الصغيرة في مصر أبدا.

الانترفيو كان عبارة عن ٣ مقابلات

الأولي مع رئيس قسم الغدد الصماء والسكر … سيدة لطيفة هادئه اسمها فريدة خان … باكستانية الأصل … مرت المقابلة بسلام… المتعارف عليه ان هذة المقابلات لا يوجد بها أسئلة طبية… جاءت السكرتيرة واصطحبني للمقابلة الثانية.

المقابلة الثانية كانت مع طبيب روسي الأصل … اسمه جمبارين … ضخم الجثة.. اجش الصوت … كان يعمل جراحا في روسيا قبل هجرته الي امريكا … ورغم شكله المخيف كان من أطيب خلق الله… نظر الي السيرة الذاتية وخطابات الترشيح وقال لي “لديك خبرة طويلة وما يكفي من الأبحاث وخطابات ترشيح قوية” تحدثنا قليلًا في كل شيء عدا الطب …. اهم ما تحدثنا فيه ان هذا البلد به الكثير من العنصرية؛ لكن على الأقل به القوانين المطبقة التي تحمي من العنصرية وهذا ما يجعله أفضل من بلادنا في الشرق… صافحني مودعًا ثم قال ” في المقابلة النهائية سوف يسألك مدير البرنامج سؤالا مهما… هو يحب ان يسال هذا السؤال… اجب بتأني … حظ سعيد.

المقابلة الاخيرة كانت مع مدير البرنامج التدريبي ورئيس قسم الأورام وامراض الدم.. اسمه هارفي دوسيك … تعدي السبعين من عمره.. تحدثنا قليلًا ثم جاء موعد سؤاله المهم.

-لو طلب منك الطبيب المعالج إعطاء المريض دواءً معينًا او عمل فحص معين وانت تعلم ان هذا لن يفيد المريض في شيء او “ربما” يضره … ماذا تفعل.

-سوف اشرح له وجه نظري ومخاوفي من إعطاء العلاج

-ماذا لو اصر

-هذا موقف صعب … هل هناك شخص ثالث يمكنني ان إلجاء اليه؟

-نعم يمكنك ان تتصل بي على الفور … القاعدة الأولي في الطب هي “ان لا تفعل شيء -قد تظن- انه قد يضر المريض”… نحن جميعا هنا لخدمة المرضي… يمكنك ان تختلف مع اَي شخص طالما ان ذلك في مصلحة المريض.

بعد ساعة من المقابلة الأخيرة وبعد ان قمنا بجولة في المستشفى … جاءت السكرتيرة قائله ” مبروك … هل تقبل ان تمضي عقد العمل اليوم؟”


اكتشاف المزيد من رأي الأمة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من رأي الأمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading