اللواء محمد إبراهيم الدويرى: أطالب أصحاب القرار فى إسرائيل بإعادة حساباتهم قبل فوات الأوان
ووجه اللواء محمد إبراهيم الدويري، نائب مدير عام المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، في مقال نشره على موقع المركز الإلكتروني، العديد من الأسئلة، ليس فقط للقيادة السياسية الإسرائيلية ومؤسساتها التشريعية والقضائية والأمنية، بل للمجتمع الإسرائيلي بأكمله على أمل أن يقرأ رجل عاقل منهم هذا المقال ويدفع ثمنه. والتوقف مع النفس، وهو ما يعني في رأيي إعادة التفكير جدياً، ولو لمرة واحدة، في طبيعة السياسات التي تنتهجها الحكومات الإسرائيلية المختلفة، ومدى قدرتها على تحقيق أهداف الدولة من عدمه.
بدأ الكاتب المقال بمخاطبة أهم دوائر صنع القرار في إسرائيل، حيث أوضح أن الحكومة الحالية، بغض النظر عن كونها من أكثر الحكومات تطرفا في تاريخ البلاد باعتراف المعارضة الإسرائيلية نفسها والعديد من القطاعات. بالنسبة للمجتمع الإسرائيلي، أعترف أن كل حكومة في العالم تهدف إلى تحقيق مصالح شعبها، لكن السؤال الذي يجب طرحه هنا موجه بالدرجة الأولى إلى الائتلاف الحاكم: هل السياسات الحالية التي تنتهجها تحقق مصالح الشعب الإسرائيلي؟ الشعب الإسرائيلي في الأمن والاستقرار والازدهار؟ أم أن العكس هو الصحيح؟
ومضى الكاتب قائلاً: “دعوني أتعمق في الأمر وأطلب من إسرائيل أن تحدد الأهداف الطبيعية التي تسعى إلى تحقيقها. وهنا سأتطوع وأحاول تحديد أهم هذه الأهداف، والتي من وجهة نظري هي الأهداف المفترضة لأي دولة، وهي الأمن والاستقرار والتنمية والتنمية في مختلف المجالات. ويجب أن يكون للدولة مكانتها المميزة على الصعيدين الإقليمي والدولي، ولكل دولة الحق في التحرك لتحقيق أهدافها، ولكن وفق أحكام القانون الدولي ودون المساس بحقوق الآخرين.
ودعا الكاتب الحكومة الإسرائيلية إلى وقفة جادة وتسأل نفسها سؤالا رئيسيا: هل نجحت بعد نحو قرن وربع من قيام الدولة في العيش بشكل طبيعي في محيطها الإقليمي؟ أم أنها لا تزال بعد هذه العقود تعيش حالة حرب وكأن الوضع لم يتغير كثيراً منذ عام 1948 حتى الآن؟ سأترك هذا الجواب لصانعي القرار في إسرائيل، وأدعوهم إلى تقديم إجابة صادقة، بعيدا عن الغطرسة والتطرف، الذي سيكون له آثار سلبية غير مسبوقة على مستقبل الدولة.
وفي هذا السياق وجه الكاتب عدة أسئلة للحكومة الإسرائيلية؟
ما هي طبيعة الرهانات التي تراهن عليها؟
وما هي الأسس التي يبني عليها مواقفه المتطرفة؟
هل تعتقد أن العناصر الخارجية الداعمة له ستبقى قائمة إلى الأبد؟
ألم نستفد من التأثيرات المتلاحقة لحرب غزة التي كشفت بوضوح أن الدعم الخارجي لم ولن يكون كما كان من قبل؟
هل انتهت القضية الفلسطينية التي حاولنا قمعها لسنوات طويلة؟ أم أنها عادت إلى الأضواء بقوة، مهما كانت العواقب التي ستترتب على ذلك في المستقبل؟
وهل سيكون عامل الوقت في صالحها على المدى المتوسط والبعيد، خاصة من الناحية الديمغرافية، فضلاً عن الجوانب الاقتصادية والسياسية والعسكرية التي ستتغير لصالحها مع مرور الوقت؟
هل تعتقد أنها ستبقى إلى أجل غير مسمى الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك أسلحة نووية؟ أو حتى التفوق العسكري على الدول العربية مجتمعة؟
فهل ترون أن فرص اندماجها في المنظومة الإقليمية تقترب كما كنتم تتمنون؟ أم أنها تبتعد كما هو متوقع؟
فهل وفّرت لها اتفاقيات التطبيع العربية الأمن والسلام والتقدم الاقتصادي الذي تسعى إليه؟ أم أن هذه المعاهدات قد تتأثر سلبا مع مرور الوقت؟
هل حلم السلام مع السعودية ممكن؟ أم أنها أصبحت بعيدة المنال ولن تتحقق إلا في ظل ظروف قد لا تتمكنون من تنفيذها، وبالتالي خسارة أحد أهم الإنجازات التي تسعى إلى تحقيقها في المرحلة المقبلة؟
فهل تستطيع إسرائيل أن تعيش في هذا المناخ المتوتر للغاية على مختلف الجبهات لفترات طويلة؟
وإلى أي مدى تستطيع الدولة أن تتحمل هذه الضغوط والاستنزافات التي تنتقص بقوة من رصيدها على كافة المستويات الداخلية والخارجية؟
فهل كان وضع إسرائيل الإقليمي والدولي سيصبح بهذه السلبية الآن لو أن القضية الفلسطينية وجدت طريقها إلى الحل؟
فهل ستحقق الحرب الحالية على غزة وخلق أجيال معادية وبيئة إقليمية حذرة منها، والسياسات التي تنتهجها في الضفة الغربية والقدس، الأمن الذي تسعى إليه؟
فهل إسرائيل بوضعها الحالي قادرة على الاندماج في النظام الإقليمي وتحقيق المزيد من التطبيع العربي؟
أين الرؤية الإسرائيلية لحل المعضلة الفلسطينية؟
ودعا الكاتب في مقاله أصحاب القرار في إسرائيل إلى إعادة النظر في حساباتهم قبل فوات الأوان. وعلى الرغم من كل التوترات الحالية، لا تزال هناك فرصة لفتح صفحة جديدة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي تبدأ بحل القضية الفلسطينية. ورغم أن البعض يرى أن هذا الأمر مثالي، وهم على حق في ذلك، إلا أنه قد يكون قابلاً للتطبيق بشرط واحد، وهو أن يكون لدى إسرائيل إرادة حقيقية للسلام أولاً، باعتبار أنها الدولة الوحيدة في العالم التي لا تزال ترفض ذلك. إقامة الدولة الفلسطينية في ظل ادعاءات وأوهام توسعية غير مبررة لن تتحقق.
وفي النهاية أكد الكاتب أن نقطة البداية الصحيحة والوحيدة هي وجهة نظره بضرورة اقتناع إسرائيل بأن استمرار الوضع الحالي لن يكون في مصلحتها، وأنه لا خيار أمام أي حكومة إسرائيلية سوى أن يضع عملية السلام ضمن أولوياته إذا أراد أن يحقق مصالح شعبه. ولذلك، فإنها ستظل تدور في حلقة مفرغة من انعدام الأمن والاستقرار، ولن تنجح في تحقيق هدف التكامل في المنطقة مهما بلغت قوة قوتها العسكرية وطال أمد احتلالها. كما ستبقى أسيرة الأحزاب المتطرفة وضيقة الأفق التي لا يهمها سوى أصوات مناصريها، رغم علمها بأن هذه السياسات تقود الدولة إلى المجهول. .
للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .
مصدر المعلومات والصور: youm7