اللواء محمد إبراهيم: سيادة إسرائيل على الضفة حرب قادمة.. وعلي ترامب الدعوة لاستئناف المفاوضات
وقال نائب مدير عام المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية اللواء محمد إبراهيم الدويري: “إذا سمح لي أن أوجه رسالة عاجلة في هذه الظروف الصعبة إلى كل من الإدارة الأمريكية الجديدة والحكومة الإسرائيلية المتطرفة، إنه باختصار شديد القول: «ما ضاع حق خلفه مطالب». والأمر أوضح. وأعني بهذا الحق أن الشعب الفلسطيني الصامد سيحصل ذات يوم على حقوقه المشروعة، مهما تراكمت العقبات، بدءا من دولة احتلال تستخدم كافة أساليب الاستيطان. والقوة والدمار، وبين الإدارات الأمريكية، بعضها منحاز لإسرائيل، والبعض الآخر غير قادر على فرض أي حلول سياسية عليها، وخاصة حل الدولتين”.
وأضاف في مقال: “كما أنه من المهم بالنسبة لي أن أوضح هنا أن الدولة الفلسطينية ذات السيادة في عقيدتنا العربية الراسخة تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، وهي جزء من الضفة الغربية، بشرط أن تكون جميعها وتتبلور الجوانب المتعلقة بإقامة هذه الدولة من خلال المفاوضات السياسية، حيث يجب مناقشة قضايا الوضع الدائم وأبرزها القدس واللاجئون والأمن والحدود، ومن الطبيعي أن تشهد المفاوضات أوجه مرونة متبادلة حتى يتم التوصل إلى توافق كامل. بين الطرفين المتفاوضين بما يتماشى مع هذه المقدمة أتطرق إلى خطورة ما يثار حاليا بشأن إمكانية فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، وفي البداية أود توضيح بعض النقاط المتعلقة بمسألة الضم، وهي كما يلي:-
وسبق أن فرضت إسرائيل سيادتها على مدينة القدس الشرقية من خلال قرارين اتخذهما الكنيست، الأول في 27 حزيران/يونيو 1967 بضم المدينة إلى إسرائيل، والثاني في 30 تموز/يوليو 1980، باعتبار القدس موحدة بجزئيها. باعتبارها العاصمة الأبدية لإسرائيل. وتسيطر إسرائيل حاليا سيطرة إدارية وأمنية كاملة على أكثر من 60% من إجمالي مساحة الضفة الغربية (5860 كيلومترا مربعا)، وفقا لتقسيمات اتفاقات أوسلو. بل تسيطر على الـ 40% المتبقية بأشكال مختلفة. ولم تعلن إسرائيل رسميا حتى الآن سيادتها على أي جزء من الضفة الغربية (نحو 140 مستوطنة و800 ألف مستوطن – ثلاثة ملايين ونصف مليون فلسطيني). ولم تعلن إسرائيل رسمياً فرض السيادة على الجولان، واكتفت بإصدار الكنيست قراراً في 15/12/1981 بفرض القانون والقضاء والإدارة الإسرائيلية على الجولان (1200 كيلومتر مربع). وبدأ هذا الوضع يتغير جذريا عندما انتقل من منظومة المواقف الإسرائيلية إلى مجال السياسات الأمريكية، وتحديدا خلال الفترة الأولى من حكم الرئيس ترامب، عندما اتخذت هذه الإدارة قرارات سلبية غير مسبوقة، أهمها قرار الولايات المتحدة. الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ومن ثم تبلور ذلك. وزاد الأمر خطورة عندما نصت صفقة القرن التي طرحها ترامب على حق إسرائيل في فرض سيادتها على وادي الأردن الذي تبلغ مساحته نحو 30% من مساحة الضفة الغربية. ويمكن القول هنا أنه منذ طرح هذه الصفقة غير العادلة للفلسطينيين، بدأ العد التنازلي لضم الضفة الغربية وهو مطروح على الطاولة ولا ينتظر إلا الظروف المناسبة.
وقد أصبح الأمر أكثر تعقيدا بعد عودة الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض والبدء الواضح في تعيين أعضاء في إدارته من شخصيات أقل ما يقال عنها أنها موالية تماما لإسرائيل. بل إن بعضهم أوضح أن هناك احتمالية أن توافق الإدارة الجديدة على ضم إسرائيل للضفة الغربية، ويبدو أن هذه المواقف ليست مفاجئة، على اعتبار أن كل المؤشرات تشير إلى أن ترامب لن يتراجع عن القرار. القرارات التي اتخذها، والتي تعتبر بشكل عام في مصلحة إسرائيل.
لذا، وفي ظل حالة اليقين التي بدت واضحة في مواقف إدارة ترامب حتى قبل أن تتولى مهامها رسمياً، فإن الحسابات الأولية تشير إلى أن المقدمات السيئة التي نشهدها لا بد أن تؤدي إلى نتائج أسوأ، تماماً كما حدث مع إسرائيل التي ضمت الشرق. القدس ودمرت واحتلت غزة، وأطلقت قطار الاستيطان والتهويد. وفي الضفة الغربية، واستمرت في طريق التطبيع العربي، فإنها لن تتردد في التحرك جدياً في طريق ضم الضفة الغربية، أو على الأقل أجزاء منها، خاصة مع التصريحات التي قالها نتنياهو في ظل عودة ترامب إلى إسرائيل. السلطة، سيتم إعادة قضية الضم إلى جدول الأعمال.
وإذا كانت الإدارة الجديدة تهدف إلى تهدئة الأوضاع في المنطقة، فعليها أن تدرك تماماً أن هذا التهدئة لن يتحقق بوقف إطلاق النار في غزة وجنوب لبنان، أو حتى بكبح تصعيد الصراع الإسرائيلي الإيراني، كما فعلت كل الأطراف. وستكون هذه التهدئة مؤقتة ولن تؤدي أبداً إلى تحقيق حالة الاستقرار. في المنطقة، وهو ما لن يحدث إلا بعد قيام الدولة الفلسطينية. وفي هذا السياق، أود أن أوجه رسالتين، الأولى لإسرائيل، مفادها أن قوتها العسكرية لن تنجح في تصفية القضية الفلسطينية، وسيظل الصراع مفتوحا، ولن تنعم بالأمن والاستقرار إلا إذا تم حل القضية الفلسطينية. يُمنح الفلسطينيون حقوقهم في إقامة دولتهم. والرسالة الثانية أوجهها إلى إدارة الرئيس ترامب، والتي تقع على عاتقها مسؤولية تاريخية. وعليها أن تعيد التعامل مع القضية الفلسطينية بطريقة أقل ظلماً، ولكي تكون المحادثة عملية، أقترح أن يبدأ ترامب ولايته بالدعوة إلى استئناف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية. وبرعايته بهدف التوصل إلى حل مقبول للقضية الفلسطينية. وفي النهاية، فإن الموقف العربي يجب أن يتعامل بجدية تامة مع هذه التطورات الخطيرة التي تؤثر بالتأكيد على الأمن القومي العربي، ويتحرك دون توقف مع كافة الدول، وخاصة مع الولايات المتحدة، ويطالب أضعف الإيمان، وهو ما يعد تحذيراً من العواقب. وعدم حل القضية الفلسطينية وضم الضفة الغربية. وتعتبر شرارة انتفاضة ستدمر كل ما هو أخضر وجاف في المنطقة، مع الدفع نحو استئناف المفاوضات كخطوة جديدة لم نشهدها منذ عشر سنوات، ونحاول أن نجعلها متغيراً إيجابياً قد يؤدي إلى نتائج، حتى لو كانت محدودة.
للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .
مصدر المعلومات والصور: youm7