مصر

المؤشر العالمى للفتوى يحذر من تحييد الأخلاق فى التعامل مع تطورات العصر

القاهرة: «رأي الأمة»

قدم مؤشر الفتوى العالمي التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لهيئات ومؤسسات الإفتاء في العالم نتائج مشروعه حول صياغة ميثاق فتوى أخلاقي للتطورات في مجالات العلوم التجريبية والطبيعية والاجتماعية والذكاء الاصطناعي، وكانت الدراسة عبارة عن خلاصة لثلاث دراسات أجراها مؤشر الفتوى، على النحو التالي: “أخلاقيات الفتوى والإعلام: رهانات الواقع وتحديات المستقبل”، و”أخلاقيات الفتوى العلمية: ضرورة التكامل وخطر الانفصال”، و”أخلاقيات الفتوى والفضاء الرقمي: الاستخدام الأمثل للتقنيات الحديثة”. وقد تم تقسيم الدراسات إلى أربعة مؤشرات رئيسية: الأول هو الفتوى والأخلاق والعلوم التجريبية والطبيعية والاجتماعية، والثاني هو ازدواجية معايير وسائل الإعلام الغربية في التعامل مع القضية الفلسطينية، والثالث هو الفتوى وأخلاقيات الإعلام، والرابع هو الفتوى وأخلاقيات الفضاء الرقمي والذكاء الاصطناعي.

وعرض مؤشر الفتوى نتائج هذا المشروع في ورشة عمل بعنوان “إعداد ميثاق فتوى أخلاقي لمواكبة التطورات في العلوم التجريبية والطبيعية والاجتماعية والذكاء الاصطناعي” أقيمت على هامش المؤتمر العالمي (الفتوى والبناء الأخلاقي في عالم سريع النمو) الذي نظمته دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لمراكز وهيئات الإفتاء في العالم.

وقد استعرض الدكتور طارق أبو هشيمة مدير مؤشر الفتوى العالمي نتائج هذا المشروع، حيث اعتمد مؤشر الفتوى على التحليل الإحصائي والشرعي للخطاب الفتوي المتعلق بالعلوم التجريبية والتطبيقية والاجتماعية والطبيعية، وكذلك تطورات الذكاء الاصطناعي، وأخلاقيات الإعلام في التعامل مع التطورات العالمية، والتي كانت موضوع نقاش من قبل نخبة من العلماء والخبراء والأكاديميين والمفتين من مصر والخارج، برئاسة الدكتور رضوان السيد عميد كلية الدراسات العليا والبحث العلمي بجامعة محمد بن زيد للعلوم، والدكتور قطب مصطفى سانو أمين عام مجمع الفقه الإسلامي بجدة.

وتضمن العرض أهم النتائج التي توصل إليها مؤشر الفتوى، والتي برزت من خلال مؤشرات الفتوى الإحصائية، وكان المؤشر الأول بعنوان “الفتوى وأخلاقيات العلم: ضرورة التكامل وخطر الانفصال”، والذي تضمن دراسة العلاقة بين العلم والدين والأخلاق في علاقتها بالعلوم التطبيقية والتجريبية والاجتماعية في إطار مظلة الفتوى، وذلك من خلال إجراء تحليل علمي شرعي وإحصائي شامل للفتاوى المتعلقة بالعلم والأخلاق ومختلف القضايا المتعلقة بهما.

وكشف هذا المؤشر عن تصدر مصر لعينة الدراسة فيما يتعلق بالفتاوى المتعلقة بأخلاقيات العلوم الإسلامية بنسبة (26%) ودور الفقيه في نشر أخلاقيات العلوم بنسبة (39%) والأمانة العلمية بنسبة (40%) والنسخ بنسبة (60%)، وقد صدرت أغلبها عن دار الإفتاء المصرية، وكانت في الغالب ذات صلة بالبحث والدعوة، مؤكدة على ضرورة تيسير الفتاوى، وأهمية التواصل المجتمعي، وأهمية احترام الأخلاق.

وكشف مؤشر الفتاوى أن فتاوى موقع إسلام ويب تصدرت عينة الفتاوى المتعلقة بقضية الاختلاط بين الجنسين في العملية التعليمية، بنسبة بلغت (35%)، وغلب عليها غياب الانضباط الديني في مؤشر خطير يستحق الاهتمام، في قضية تشكل مستقبل المنظومة التعليمية.

كما أشار مؤشر الفتوى إلى تفاعل الفتاوى مع التطورات التكنولوجية واستخدام أدوات الدردشة (GPT) والذكاء الاصطناعي في الكتابة العلمية، حيث بلغت نسبتها (5.5%) من إجمالي الفتاوى في العينة، وحرص المؤشر على توضيح آداب استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم، واحتلت الفتوى الأردنية نسبة عالية في إطاره بلغت (25%).

ووجه مدير الفهرس إلى إيلاء قضايا التلقيح الصناعي والحمل البديل وتحديد جنس الجنين مزيداً من الاهتمام، مبيناً أن الفتوى تواكبها إلى حد كبير، حيث جاءت الفتاوى المتعلقة بهذه القضايا بنسبة (8.5%) من إجمالي فتاوى العينة، وشملت قضايا: التلقيح الصناعي بنسبة (45.5%)، وتحديد جنس الجنين بنسبة (31.5%)، والحمل البديل بنسبة (23%).
وبناء على ذلك حذر مؤشر الفتوى من ندرة الفتاوى العربية التي تناولت قضية التربية الجنسية رغم خطورتها في العصر الحالي، وخطورة اقتصار الفتاوى الغربية على معالجتها بما يضمن إمكانية عدم انضباطها.

أما مؤشره الثاني والذي جاء تحت عنوان “الفتوى وأخلاقيات الإعلام.. رهانات الواقع وتحديات المستقبل”، فقد أكد مؤشر الفتوى على أهمية الفتاوى المتعلقة بالمعايير الأخلاقية لوسائل الإعلام، والتي شكلت (75%) من إجمالي عينة الدراسة، (61%) منها صدرت عن جهات وشخصيات رسمية.

مشيراً إلى أن مصر من خلال دار الإفتاء المصرية هي أكثر المؤسسات اهتماماً بالفتاوى المتعلقة بأخلاقيات الإعلام بنسبة (34%)، والتي حرصت على مواجهة ظاهرة “التريندات”، وحماية المجتمع من انتشار الشائعات والأكاذيب، ونشر الطائفية وازدراء الأديان.
وكشف مخرج المؤشر عن اهتمام الأعمال الدرامية لموسم (2023-2024) بتناول قضايا تتعلق بالشؤون الدينية والحرص على الالتزام بالمعايير الأخلاقية بنسبة (38%)، ومنها قضايا تأجير الأرحام، والسحر والشعوذة، وتجميد البويضات، والميراث، وقضية الصلاة على من فقدت طهارتها، وقضية الولاية على أموال القاصرين، وقضية تمثيل الصحابة في الدراما التلفزيونية.

وفي ختام هذا المحور حذر مدير مؤشر الفتوى من ازدواجية وسائل الإعلام الغربية في تناولها للقضية الفلسطينية، وتعمدها الافتقار إلى الموضوعية في تناول الأحداث في غزة منذ اندلاع عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، كاشفاً عن تعمد استخدام التقارير والأخبار ومقالات الرأي المتداولة في وسائل الإعلام الغربية لمصطلحات مسيئة تتضمن إدانة واستهزاء بأرواح ضحايا العمليات الإسرائيلية ضد أبناء غزة العزل والمدنيين الأبرياء، والاعتماد على استخدام مصطلحي “الإرهاب” و”الإرهابيين”، في محاولة لتقليص القضية الفلسطينية وتصويرها على أنها دفاع إسرائيلي مشروع عن النفس.

وعزا مدير مؤشر كنتاج هذا التوجه إلى سياسة إعلامية تنتهجها وسائل الإعلام الغربية منذ سنوات، تقوم على خلق صور سلبية مشوهة عن الإسلام والمسلمين، من خلال التركيز المتعمد على نشر فتاوى غير منضبطة عبر وسائل الإعلام، بنسبة تصل إلى 89% من محتوى الفتاوى المنشورة في وسائل الإعلام، ومحاولة تصدير الآراء المنحرفة لأشخاص مجهولين على أنها فتاوى إسلامية صحيحة، والهدف من ذلك تصدير صورة مشوهة عن الإسلام والمسلمين، والجميع يعلم أنها لا تعبر عن الأغلبية العظمى أو الرأي الصحيح.

أما مؤشرها الثالث والذي جاء بعنوان “الفتوى وأخلاقيات الفضاء الرقمي.. الاستخدام الأمثل للتقنيات الحديثة”، فقد تضمن دراسة السياج الأخلاقي الذي يحكم عملية الفتوى عبر الفضاء الرقمي الواسع، ودراسة مدى تفاعل الفتوى مع القضايا الأخلاقية الناشئة عن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.

وكشف مؤشر الفتاوى أن فتاوى عينة الدراسة اهتمت بالجوانب الأخلاقية للتعامل مع العالم الرقمي، من إجمالي الفتاوى المهتمة بالمجال التكنولوجي، وبنسبة (75%)، منها (55%) من جهات وشخصيات رسمية.

وجاءت نسبة الفتاوى المتعلقة ببيان الضوابط الأخلاقية لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي في مقدمة الموضوعات التقنية بنسبة (32%) من إجمالي العينة، طغت عليها قضايا التواصل بين الجنسين، حيث أجازها البعض بضوابط، وحرمتها بعض الفتاوى غير المنضبطة بحجة الخلوة غير المشروعة واعتبارها باباً للعبث والفتنة والشر.

وفيما يتعلق بتقنيات الذكاء الاصطناعي وضوابطها الأخلاقية، أشار مؤشر الفتوى إلى أن (85%) من الفتاوى الرسمية وغير الرسمية اتفقت على مشروعية الذكاء الاصطناعي بصفة عامة كعلم ما لم يتضمن محرمات شرعية أو يضر بالإنسان، بينما (15%) فقط من الفتاوى غير المنضبطة حرمت أدوات الذكاء الاصطناعي واعتبرتها تقليداً لخلق الله.

وفي نهاية هذا المحور دعا مؤشر الفتوى إلى إيلاء اهتمام فتوي أكبر لقضايا الذكاء الاصطناعي المعاصر وأخلاقياته، خاصة في ظل ظهور الروبوتات وتطور تقنيات الميتافيرس، وتعدد استخدامات أدوات الذكاء الاصطناعي، وضرورة الاستعانة بمفتي متخصص للتعامل مع هذه القضايا التي أصبحت معقدة للغاية في العصر الحالي، وبدأت تطرح تساؤلات حول مراعاة الروبوتات للزمان والمكان وفقه الواقع، وكيف تمر الفتوى عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي في مراحلها الأربع، ومدى مراعاة فتاوى الذكاء الاصطناعي لاختلاف المناطق الجغرافية والجوانب الأخلاقية والهويات المرتبطة بالمجتمع الإسلامي… وغيرها من التساؤلات.
إضافة إلى مطالبته بإنشاء مراكز رصد تعنى بمراقبة الإعلام الغربي، وإطلاق حملات إعلامية من أجل تمثيل أفضل للمسلمين في وسائل الإعلام الغربية، وتحقيق التغطية الموضوعية لمختلف الأحداث المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وتقديم الشكاوى للمسؤولين وفرض العقوبات على الصحف التي تخالف ذلك، واتهامها بتصحيح الأخبار أو التقارير الكاذبة المتعلقة بالإسلام وقضايا المسلمين.

وفي ختام الورشة دعا المؤشر العالمي للفتوى إلى إعداد أول ميثاق أخلاقي للفتوى للتطورات في العلوم التجريبية والطبيعية والاجتماعية والذكاء الاصطناعي، والذي تضمن عدداً من المبادئ والأحكام العامة القائمة على الالتزام بالنصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الصحيحة، وترسيخ مفاهيم الوسطية والتوازن من خلال تحقيق مقاصد الشريعة دون مبالغة أو تطرف، بالإضافة إلى عرض عدد من المعايير والمبادئ الأخلاقية الموجهة للمفتي والسائل، وأخرى موجهة للمؤسسات الطبية والتعليمية والتكنولوجية ذات الصلة، وعرض مبادئ تقع على عاتق الدولة تتعلق بمنح المزيد من الصلاحيات لمؤسسات الإفتاء الرسمية والتعاون على المستوى الدولي، وتفعيل الرقابة الأخلاقية على العلوم المختلفة في ظل عالم متسارع الخطى وشعوبه متضاربة.

للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .

مصدر المعلومات والصور: youm7

 


اكتشاف المزيد من رأي الأمة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من رأي الأمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading