تخوف فى المغرب من أمراض معدية جراء فيضانات الجنوب الشرقى
لا يزال موضوع الفيضانات التي ضربت مجموعة من مناطق جنوب شرق المغرب في الأيام الأخيرة، يتصدر النقاش في المملكة، بالنظر إلى الخسائر البشرية والمادية الضخمة التي خلفتها هذه الفيضانات.
ولفت خبراء الصحة المغاربة إلى ضرورة استباق المرحلة لتفادي التداعيات الصحية لمثل هذه الحوادث، خاصة انتشار الأمراض المعدية في المناطق القروية على وجه الخصوص.
وحذر الخبراء من أن المستنقعات والبرك الراكدة من المياه التي تخلفها الفيضانات في الوديان تشكل بيئة خصبة لتكاثر وتطور مجموعة من الأمراض المعدية مثل داء الليشمانيات.
وبينما اختلفوا حول مدى خطورة هذا الوضع على وديان الجنوب الشرقي بعد الفيضانات الأخيرة، اتفق الخبراء على ضرورة التسلح بالوقاية من خلال تكثيف الوزارة حملات تعقيم هذه المستنقعات والبرك وتوفير وسائل التنظيف والتعقيم لفائدة السكان المتضررين.
قال جعفر هيكل، المتخصص في علم الأوبئة والأمراض المعدية والصحة العامة، إن المستنقعات وبرك المياه الراكدة المليئة بالطين التي خلفتها السيول في مجموعة من الوديان، وخاصة في المناطق الريفية، تعد أماكن مفضلة لناقلات الأمراض المعدية للإنسان، مثل أنثى ذبابة الرمل التي تنقل مرض الليشمانيا، من أجل التكاثر والنمو.
وأشار هيكل إلى أن الجهود التي بذلها المغرب لمكافحة مجموعة من هذه النواقل لم تؤد إلى القضاء عليها بشكل كامل، وهو ما يجعل خطرها حاضرا دائما.
وأكد الأخصائي هيكل أن مديرية مكافحة الأوبئة والأمراض بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية كثيرا ما ترفع درجة اليقظة الوبائية عند تسجيل فيضانات مثل التي شهدتها منطقة الجنوب الشرقي خلال اليومين الماضيين، وطالب المديريات الإقليمية لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية بتكثيف الترصد الوبائي من خلال المراكز الصحية الريفية من خلال الحملات الميدانية للكشف والرصد من جهة، والتأكد من حملات التعقيم الاستباقية باستخدام المبيدات الكيميائية ضد نواقل الأمراض المعدية في مختلف المسطحات المائية غير النظيفة التي يمكن أن تنتشر فيها في هذه المناطق من جهة أخرى.
وأوضح المتحدث أن مبدأ الوقاية خير من العلاج يتطلب استباق أي انتشار لهذه الأمراض في المناطق المتضررة من الفيضانات الأخيرة من خلال التنسيق بين وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة الزراعة والغابات التي يجب عليها توفير معلومات كافية عن أماكن انتشار هذه التجمعات المائية حتى يتم تعقيمها بشكل مباشر من قبل الفرق المختصة.
وأشار إلى أن المواطنين والمقيمين مطالبون باتخاذ الإجراءات الوقائية، ومنها استخدام وسائل النظافة والتعقيم، والابتعاد قدر الإمكان عن أماكن تكاثر البعوض والذباب الناقل للأمراض المعدية، والالتزام بالنصائح التي تقدمها المراكز الصحية بهذا الخصوص.
مخاطرة منخفضة
وبحسب الدكتور الطيب حمدي، الطبيب والباحث في السياسات والأنظمة الصحية، فإن احتمالات تسبب الفيضانات الأخيرة في انتقال الأمراض المعدية بين السكان تظل ضئيلة للغاية، بالنظر إلى ثلاثة اعتبارات أساسية. الأول هو أن البرك والمستنقعات التي ستتركها هذه الفيضانات في المنطقة ستجف في فترة قصيرة جدًا، وبالتالي لن تصبح مرتعًا للذباب والبعوض، الناقلين لهذه الأمراض. والاعتبار الثاني هو عدم حدوث هجرات جماعية بسبب الفيضانات، مما يقلل من احتمالات انتشار الأوبئة بين سكان المناطق التي تتفاوت فيها المناعة ضد الأمراض. والاعتبار الثالث هو أن المنازل المتضررة من هذه الفيضانات تظل محدودة، مما يجعل اللجوء إلى خيارات السكن الجماعي للمتضررين غير مرجح. وبالتالي فإن الاختلاط كأحد حوافز انتقال الأمراض المعدية غير موجود في هذا السياق.
لكن الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية أكد أن الحديث عن انخفاض معدل الخطورة لا ينفي إطلاقا ضرورة تعزيز اليقظة الوبائية من قبل الوزارة المعنية والتأكد من اتخاذ إجراءات استباقية لتجنب انتشار هذه الأمراض.
وشدد على ضرورة توفير وسائل النظافة والتعقيم اللازمة لصالح سكان المناطق المتضررة، وحث على استمرار المراكز الصحية الريفية في الجنوب الشرقي في عملية تطعيم الأطفال، مع توفير قوافل طبية لهذا الغرض في القرى التي تضررت مراكزها الصحية جراء هذه الفيضانات.
وأوضح حمدي أن وزارة الصحة والشؤون الاجتماعية ليس من الصعب عليها تنفيذ هذه الإجراءات لأن مساحة المناطق المصابة محدودة، والإمكانيات المتوفرة لدى الوزارة من وسائل التعقيم ولقاحات الأطفال كبيرة جداً.
وفي وقت سابق، قالت وزارة الداخلية المغربية، إن حصيلة الخسائر والأضرار الناجمة عن العواصف الرعدية القوية في عدد من عمالات وأقاليم المملكة ارتفعت.
وأفادت بأنه تم تسجيل 18 حالة وفاة، فيما لا يزال أربعة أشخاص في عداد المفقودين بإقليم طاطا، وأن عمليات البحث عنهم مستمرة بشكل متواصل ومكثف.
وأوضحت الوزارة أن حالات الوفاة سجلت بكل من أقاليم طاطا (عشرة أشخاص)، والرشيدية (ثلاثة أشخاص، اثنان منهم أجنبيان أحدهما كندي والآخر بيروفي)، وتيزنيت (شخصان)، وتنغير (شخصان، أحدهما أجنبي من الجنسية الإسبانية)، وتارودانت (شخص واحد).
للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .
مصدر المعلومات والصور: youm7