خبير بيئي: 152 مليار دولار حجم الأضرار المباشرة عن الحرب في أوكرانيا

أكد رئيس قسم التقانة الحيوية والبيئة الدكتور تحسين شالا أن تداعيات الحروب تمتد لتشمل مختلف القطاعات في مناطق الصراع، حيث تهيمن تأثيراتها الاقتصادية والسياسية على اهتمامات الجميع وتحتل مكانة بارزة في أولويات الحكومات المحلية والدولية.
وأضاف شعلة في تصريحات خاصة لـ«اليوم السابع» أن «تأثير الحرب على البيئة والتغير المناخي لا يزال يعتبر قضية هامشية، رغم خطورتها وأضرارها الجسيمة، فالصراعات المسلحة تعطل الجهود المتعلقة بالمناخ، مما يزيد من نقص الموارد اللازمة لمواجهة تحدياته، ويعيق القدرة على تطوير المشروعات الاستراتيجية التي تهدف إلى حماية البيئة وتلبية الاحتياجات المتنوعة للسكان، خاصة في ظل تفاقم آثار تغير المناخ».
وأوضح رئيس قسم التكنولوجيا الحيوية والبيئة أن المركبات العسكرية تستهلك كميات هائلة من الوقود الأحفوري، حيث أدت العمليات العسكرية في مناطق الصراع إلى انبعاث مئات الآلاف من الأطنان من أول أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين والهيدروكربونات وثاني أكسيد الكبريت وثاني أكسيد الكربون، كما أن تلوث الهواء الناتج عن هذه المركبات والأسلحة كان له آثار سلبية على الصحة العامة سواء للمدنيين أو العسكريين في مناطق الصراع، كما تساهم الحروب والصراعات في زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة التي تعتبر من العوامل الرئيسية المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي.
وأشار إلى أن الحرب تستهلك موارد هائلة وغالبا ما تسفر عن أضرار بيئية كبيرة. وتشمل التكاليف البيئية للعمليات العسكرية تدمير البنية التحتية والاضطرابات التي تسببها لمشاريع وسياسات الطاقة الخضراء، وهي جوانب لا يمكن إغفالها عند تقييم التأثير الإجمالي للحروب. ويتكبد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر يومية تقدر بنحو 80 مليون دولار نتيجة للصراع في غزة، في حين بلغ الضرر المباشر الناجم عن الحرب في أوكرانيا ما يقرب من 152 مليار دولار حتى الآن. وتشير التقديرات إلى أن تعطيل الناتج الاقتصادي والتجارة، بالإضافة إلى تكاليف إزالة الأنقاض، سيضيف 499 مليار دولار أخرى إلى إجمالي الخسائر، في حين بلغت الخسائر الروسية أربعة وثلاثين مليار دولار.
وأكد أن الجيوش والحروب والصراعات في العالم تساهم بنحو 5.5% من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وأن الأشهر السبعة الأولى من الحرب الروسية الأوكرانية وحدها تسببت في انبعاث ما لا يقل عن 100 مليون طن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون. وقال إنه عند دراسة الممارسات العسكرية التي تؤدي إلى انبعاثات كربونية عالية في مناطق الصراع والأزمات، يتبين أنها تتسبب في تدمير مخازن الكربون الطبيعية، مثل الغابات والأشجار، بالإضافة إلى تدمير مخازن الكربون التي أنشأها البشر، مثل البنية التحتية للطاقة وآبار النفط، كما تلحق الضرر بأنظمة الطاقة المتجددة في تلك البلدان.
في أوكرانيا، تم إيقاف 90% من طاقة الرياح و50% من الطاقة الشمسية منذ بداية الحرب، وفقًا لتحليل أجرته شركة Power Technology. كما تدمر الحروب التنوع البيولوجي وتزيد من التلوث، مما يساهم بشكل كبير في التدهور البيئي. في حالة أوكرانيا، وثق الصحفيون والناشطون العديد من الجرائم البيئية والإبادات الجماعية ضد الطبيعة، من الهجمات على المنشآت الصناعية التي تلوث مصادر المياه الجوفية إلى القصف المتعمد لمحميات الحياة البرية وغيرها من النظم البيئية الحيوية. يمكن للأضرار الجانبية الناجمة عن الصراع أن تقتل ما يصل إلى 90% من الحيوانات الكبيرة في مناطق الحرب.
وقال تحسين شعلة إن منطقتي شمال أفريقيا والشرق الأوسط تعتبران من أكبر مناطق العالم من حيث عدد المهاجرين الداخليين، حيث تشكلان 23% من إجمالي المهاجرين على مستوى العالم، وبحلول نهاية عام 2023 بلغ عدد المهاجرين الداخليين 16.2 مليون شخص، وتتصدر اليمن وسوريا قائمة الدول الأكثر تأثراً بالهجرة الداخلية في هذه المنطقة، كما أصبح المناخ عاملاً مشتركاً في تفاقم الظروف الناجمة عن الهجرة الداخلية والتي نشأت بشكل رئيسي بسبب الصراعات والحروب الأهلية في اليمن وسوريا.
وأشار إلى أن تغير المناخ والفوضى يؤديان إلى زيادة المخاطر في المناطق الريفية، حيث لا توجد حلول مستدامة للأزمة، مما يدفع الناس إلى الانتقال إلى المدن. وزاد تأثير تغير المناخ على تدهور حالة الهجرة الداخلية في سوريا واليمن، حيث يعاني البلدان من تغيرات مناخية حادة تشمل ارتفاع درجات الحرارة والتصحر وندرة المياه وتدهور النظم البيئية البحرية والساحلية، بالإضافة إلى ارتفاع مستويات تلوث الهواء.
وأكد رئيس قسم التقنية الحيوية والبيئة أن الفيضانات تعتبر من أبرز المخاطر المناخية في اليمن، حيث تؤدي إلى تدمير المساكن والبنية التحتية الإنتاجية، بالإضافة إلى إصابة أو وفاة الأفراد، كما أدت إلى نزوح نحو 174 ألف شخص في عام 2023. فقبل عشر سنوات، في عام 2013، لم يتجاوز عدد النازحين بسبب الفيضانات 10 آلاف شخص، مما يدل على الزيادة الملحوظة في حالات الهجرة نتيجة التغير المناخي والفوضى. إلا أن اليمن شهدت خلال الفترة من يناير إلى مايو 2024 أكبر موجات الهجرة، حيث تجاوز عدد النازحين 1000 شخص بسبب الفوضى المناخية، فيما أثرت حالات الهجرة الناتجة عن الصراعات على مئات الأفراد في كل حالة. وفي عام 2023، تجاوزت حالات الهجرة الناتجة عن التغير المناخي والفوضى تلك الناتجة عن الصراعات. ومن بين المخاطر المناخية الرئيسية التي تواجه السكان، تبرز حرائق الغابات والأعاصير والفيضانات والجفاف. وفي الفترة من 17 إلى 22 أبريل/نيسان 2024، تم تسجيل نزوح 2875 شخصاً إلى مخيمات في عدة محافظات يمنية، وكانت أغلب الهجرة الداخلية بسبب السيول.
إن منطقة الصراع بين روسيا وأوكرانيا هي واحدة من أبرد المناطق وأكثرها بعداً على وجه الأرض، ولقد كان مناخها القاسي ودرجات حرارتها المنخفضة يشكلان منذ فترة طويلة حاجزاً طبيعياً أمام التنمية والاستغلال. ولكن يبدو أن هذا يتغير بطريقة خفية. فاليوم لم تعد هذه المنطقة النائية في القطب الشمالي كما كانت قبل عقود من الزمان. فقد أدت التأثيرات الكارثية للاحتباس الحراري العالمي إلى ذوبان القمم الجليدية القطبية، الأمر الذي جعل الوصول إلى موارد تبلغ قيمتها عشرات التريليونات من الدولارات أسهل بالنسبة للروس مقارنة بغيرهم.
وأكد “شعلة” أن روسيا هي رابع أكبر مصدر لانبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري في العالم، حيث تمثل 4.6% من إجمالي الانبعاثات العالمية، كما أن حصة الفرد من الانبعاثات في روسيا من أعلى النسب في العالم، حيث تتجاوز بنحو 53% ما يوجد في الصين، وبنحو 79% ما يوجد في الاتحاد الأوروبي. ورغم أن روسيا تمتلك إمكانات هائلة في مجال الطاقة المتجددة، إلا أن حصة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الروسي تظل ضئيلة، أقل من 0.1% من طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الحرارية الأرضية، ولا توجد خطط واضحة للاستثمار بشكل كبير في تطويرها. وأوضح أن الحروب تؤثر سلباً على كافة الملفات المتعلقة بتغير المناخ، مما يعطل التحول إلى الاقتصاد الأخضر ويزيد من النتائج السلبية الناجمة عن الفوضى المناخية وعواقبها.
وأوضح أن غزة تواجه تداعيات خطيرة للتغير المناخي تتطلب استجابة عاجلة، لكن الحرب والحصار يعيقان تنفيذ مشاريع التخفيف والتكيف مع الفوضى المناخية. كما تتعرض البيئة في غزة لتأثيرات سلبية بسبب استخدام الأسلحة الكيميائية المحظورة، مثل الفسفور الأبيض، الذي يؤثر على التربة والمياه والكائنات البحرية. كما تمنع السلطات الإسرائيلية دخول المواد اللازمة لحماية السواحل من التآكل، مما يزيد من خطر الفيضانات. وتعاني غزة من بنية تحتية متهالكة ونظام كهربائي ضعيف، مما يجعل من الصعب مواجهة موجات الحر الناتجة عن التغير المناخي ويؤثر سلباً على الحياة اليومية والاقتصاد.
وقال إن تغير المناخ يؤدي على المدى الطويل إلى ظهور توترات اجتماعية بين المهاجرين والمجتمعات المضيفة نتيجة التنافس على الموارد الأساسية مثل المياه والأراضي، موضحا أنه يمكن اعتبار أن المخاطر المناخية الرئيسية التي تواجه البلدان التي تعاني من الصراعات الداخلية والفوضى المناخية تتجلى في تأثيرات هذه التغيرات والفوضى على الزراعة وسبل العيش، بالإضافة إلى تفاقم مشكلة انعدام الأمن الغذائي.
للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .
مصدر المعلومات والصور: youm7
اكتشاف المزيد من رأي الأمة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.