عاجل.. تقرير: وفيات يومية جراء الحصار ومنع إسرائيل إدخال الأدوية الى غزة
قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن قطاع غزة يسجل يومياً العديد من الوفيات نتيجة الحصار التعسفي الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة، واستمرارها في منع دخول الإمدادات الطبية بما فيها الأجهزة الطبية والأدوية الأساسية، بعد تدمير القطاع الصحي بشكل ممنهج وواسع النطاق على مدى الأشهر العشرة الماضية.
وأضاف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن هذا يتطلب تحركاً عاجلاً أكثر من أي وقت مضى لرفع الحصار عن قطاع غزة، وإدخال المستلزمات الطبية لإنقاذ حياة المدنيين المرضى والجرحى، وضمان حق السفر للعلاج للأشخاص الذين تتطلب حالتهم الصحية ذلك، وإدخال المستلزمات اللازمة لإعادة بناء النظام الصحي بشكل فوري وضمان حمايته من الاستهداف الإسرائيلي في قطاع غزة. وأكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في بيان له أنه يتلقى عشرات الشكاوى يومياً من فلسطينيين يحتاجون إلى السفر أو السفر لأقاربهم لتلقي العلاج المنقذ للحياة خارج قطاع غزة، بسبب عدم توفر العلاج أو الأدوية والأجهزة الطبية المناسبة وخروج غالبية المستشفيات عن الخدمة بسبب الحصار والاستهداف الإسرائيلي. وأشار المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى أن إسرائيل أغلقت معبر رفح البري مع مصر، المنفذ الوحيد للسفر في قطاع غزة خلال الحرب، منذ إعادة انتشار قواتها العسكرية وتمركزها فيه وتدمير أجزاء كبيرة منه في مايو/أيار الماضي، الأمر الذي حرم آلاف الجرحى والمرضى من السفر لتلقي العلاج، ما أدى إلى وفاة المئات منهم حتى الآن. وذكر أن بيانات وزارة الصحة الفلسطينية في غزة تشير إلى وجود أكثر من 12 ألف جريح و14 ألف مريض بحاجة إلى تحويل خارجي عاجل لإنقاذ حياتهم، مؤكداً أن هؤلاء جزء من عشرات الآلاف الذين هم في حاجة ماسة إلى السفر لاستكمال العلاج أو تلقي الخدمات الصحية والتأهيلية الأساسية غير المتوفرة في قطاع غزة. وأكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن عشرات الوفيات تسجل يومياً بين المرضى وكبار السن، أغلبها بسبب نقص الأدوية أو العلاج أو عدم توفر الرعاية الصحية الكافية، وهؤلاء لا يتم إحصاؤهم رسمياً ضمن ضحايا الهجمة الإسرائيلية المستمرة، مشيراً إلى أن بيانات وزارة الصحة تشير إلى ارتفاع كبير في معدل الوفيات في قطاع غزة خلال الأشهر الماضية مقارنة بنفس الفترة في العامين السابقين، كما لوحظت علاقة بين زيادة الوفيات وخروج المستشفيات عن الخدمة وانهيار المنظومة الصحية نتيجة الاستهداف الإسرائيلي الممنهج. وفي إحدى الحالات التي وثقها المرصد الأورومتوسطي توفي الفلسطيني إسحاق نائل مشتهى (29 عاماً) يوم السبت 3 آب/أغسطس، بعد معاناته من سوء التغذية وعدم قدرته على السفر لتلقي العلاج. وفي تصريح سابق لفريق المرصد الأورومتوسطي، طلب محمد نائل مشتهى (شقيق المريض المتوفى) السماح لأخيه بالسفر لتلقي العلاج، مشيراً إلى أنه كان يعاني من أعراض مثل المغص وآلام البطن قبل الحرب على غزة. في بداية الحرب بدأ المرض يتفاقم وتدهورت حالته بعد أن خضع لعملية جراحية في الأمعاء في 2 مايو/أيار، تم خلالها استئصال 30 سم من أمعائه، وانخفض وزنه من 75 إلى 39 كيلوغراماً. ونتيجة لإغلاق المعبر، ظلت مناشدات مشتهى للسفر للعلاج بلا إجابة حتى توفي. وعرض المرصد الأورومتوسطي مجموعة من الشكاوى التي تلقاها حول معاناة المرضى أو ذويهم نتيجة عدم توفر العلاج، ومن بينها ما أفادت به والدة الطفل يوسف باسل الأدهم (عامين ونصف) من شمال غزة لفريق المرصد الأورومتوسطي أن طفلها أصيب في قصف منزل وخرج من تحت الأنقاض مصاباً بشلل دماغي، وهو يعاني الآن من سوء التغذية وتقرحات في جسده، وحاول الأطباء علاجه وأجرى له عدة عمليات، لكن دون جدوى بسبب تدمير المرافق الطبية بسبب الهجوم العسكري وعدم توفر الرعاية الصحية المناسبة. وأضافت: “طفلي يحتاج للسفر إلى الخارج للعلاج حتى أراه قادراً على الجلوس مجدداً على الأقل كما أخبرني الطبيب، ولكن رغم تسجيلي للتحويل إلى الخارج في حال إغلاق المعبر، إلا أن هذا غير ممكن”. وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن آلاف مرضى السرطان يواجهون معاناة شديدة ويهددهم الموت بسبب عدم توفر العلاج وحاجتهم إلى التحويل للسفر لتلقي جرعات العلاج الكيميائي. وأفادت “ميساء عليان كامل عليوة”: وهي مريضة سرطان لم تتلق العلاج بسبب ظروف الحرب. وقالت لفريق الأورومتوسطي: “أنا مريضة سرطان منذ عام 2018، كانت حياتنا صعبة أثناء الحرب، وبصرف النظر عن القصف الإسرائيلي، كانت المياه مشكلة بالنسبة لنا لصعوبة توفيرها، وكنا نذهب إلى مكان بعيد للحصول على المياه.. عانيت من النزوح والقصف.. كنا نقضي الليالي تحت قصف الطائرات وقذائف المدفعية العشوائية. “كان هناك مكان خلفنا تعرض للقصف، ونجونا من الموت بأعجوبة وهجرنا إلى خانيونس دون أي من مقومات الحياة، أقلها الماء والطعام. وخلال نزوحي كنت بلا علاج أو متابعة لحالتي، وكنت أخفف آلامي بمسكنات بسيطة لا تجدي نفعاً. وكانت المستشفيات بعيدة وكنا نسير مشياً على الأقدام دون الحصول على الرعاية الطبية اللازمة في ظل انهيار المستشفيات. كل يوم أشعر أنني أقترب من الموت”. تقول والدة الطفل “عبد الله محمد أكرم”: (9 سنوات) لفريق الأورومتوسطي: “نزحنا إلى مدرسة بعد قصف منزلنا في شمال غزة. فجأة مرض ابني ونقلناه إلى مستشفى كمال عدوان، المستشفى الوحيد الذي لا يزال يعمل في وقت ينهار فيه النظام الصحي في شمال غزة. دخل العناية المركزة لمدة 3 أيام ثم شخص الأطباء حالته بالفشل الكلوي والحاجة إلى غسيل الكلى. وأرجع ذلك إلى اعتماده على الأغذية المعلبة منذ أشهر ونقص المعادن والفيتامينات التي لا تتوفر بسبب نقص الفواكه والأغذية والعلاج والمكملات الغذائية في شمال غزة”. وقال ساهر نصر، طبيب الأطفال في مستشفى كمال عدوان، لفريق الأورومتوسطي، إن حالات المرض انتشرت على نطاق واسع بين الأطفال في شمال غزة في الأيام الأخيرة بسبب سوء التغذية وضعف المناعة. وأضاف: “خلال الحرب انتشرت العديد من الأمراض الجلدية بين الأطفال، معظمها لم نسجل حالات إصابة بها من قبل، وأغلبها ناجم عن بكتيريا وفيروسات، بالإضافة إلى فطريات تصيب فقط ذوي المناعة الضعيفة، وهذه الأمراض معدية والحالات في تزايد بسبب اكتظاظ السكان في مراكز الإيواء، بالإضافة إلى قلة النظافة وتلوث المياه، ونقص الغذاء وسوء التغذية بسبب الاعتماد على الأطعمة المعلبة التي تحتوي على مواد حافظة ونقص البروتينات في الطعام، مما تسبب في تأخر التئام الجروح والالتهابات، والعلاج غير متوفر حالياً على شكل مراهم أو مضادات حيوية، ونحن في المستشفى نتعامل مع الأعراض دون أن نتمكن من علاج المرض أو السيطرة عليه، وإذا استمر الوضع الحالي فإن الأعداد ستزداد أكثر وسنرى حالات أكثر صعوبة”. وأكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن استمرار الحصار وإغلاق المعابر، بعد تدمير جيش الاحتلال الإسرائيلي للمستشفيات والمرافق الصحية في قطاع غزة وإخراج معظمها عن الخدمة، يعني قراراً إسرائيلياً بتنفيذ إعدام جماعي للمرضى والجرحى وقتلهم عمداً. وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن تدمير المستشفيات والمرافق الطبية ووسائل النقل، ومنع دخول الأدوية والمعدات الطبية، وقتل واعتقال الطواقم الطبية، يأتي في مقدمة جرائم الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتقتل ببطء من لم يقتلهم الاحتلال بشكل مباشر، من خلال حرمانهم من العلاج اللازم والغذاء والمواد الأخرى الضرورية للبقاء على قيد الحياة. وشدد على أن تدمير القطاع الصحي يشكل ركيزة أساسية في الخطة الممنهجة والمنظمة وواسعة النطاق التي تنفذها إسرائيل لتدمير حياة الفلسطينيين في القطاع وإبادتهم وتحويل وطنهم إلى مكان غير صالح للسكن ويفتقر إلى أبسط مقومات الحياة والخدمات الأساسية، عبر جرائم متكاملة، أخطرها الاستهداف الممنهج والواسع النطاق للقطاع الصحي وإخراجه عن الخدمة عبر التدمير والحصار وإدخاله إلى نقطة اللاعودة وحرمان الفلسطينيين من فرص البقاء والحياة والتعافي وحتى المأوى. وأكد أن الجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد المستشفيات والأشخاص المحميين من الجرحى والمرضى في قطاع غزة تشكل أيضاً جرائم حرب كاملة الأركان، فضلاً عن كونها جرائم ضد الإنسانية لأنها تنفذ في إطار الهجمة العسكرية الإسرائيلية الممنهجة والواسعة النطاق ضد السكان المدنيين في قطاع غزة. وأكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يرتكب جرائم بحق مستشفيات القطاع دون أي احترام لقواعد القانون الدولي وخاصة القانون الدولي الإنساني، وفي انتهاك صارخ لمبادئ التمييز والتناسب والضرورة العسكرية واتخاذ الاحتياطات اللازمة، والحماية الخاصة التي تتمتع بها المستشفيات والطواقم الطبية المدنية، والحماية التي يتمتع بها المدنيون سواء بهذه الصفة أو لعدم مشاركتهم بشكل مباشر في الأعمال العدائية، فضلاً عن انتهاك الحماية التي يتمتع بها الجرحى والمرضى وحظر استهدافهم حتى لو كانوا عسكريين. وجدد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان دعوته إلى التدخل الدولي العاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية، ورفع الحصار التعسفي عن قطاع غزة، والسماح بإدخال المساعدات المنقذة للحياة والمواد الغذائية وغير الغذائية، وإعادة بناء القطاع الصحي فوراً، وإقامة مستشفيات ميدانية في شمال غزة، والضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها المتكررة على المستشفيات والتي أخرجتها عن الخدمة، وضمان سلامة الطواقم الطبية والمرضى والجرحى والنازحين داخل القطاع، وتمكينهم من تلقي العلاج المنقذ للحياة، وضمان نقل آلاف الحالات الطارئة للعلاج في الخارج.
للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .
اكتشاف المزيد من رأي الأمة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.