فؤاد المهندس.. الأستاذ صاحب المسيرة المسرحية الثرية والأسطورة التي لن تتكرر
لأنه الأستاذ.. استعمر قلوب الملايين ودخلها دون استئذان، لأنه الأستاذ، رؤيته تفرح القلب وترسم البسمة على الشفاه، لأنه الأستاذ، أصبح أسطورة لم ولن تتكرر على مر الزمان، لأنه الأستاذ، جعلك تشعر أنه أحد أفراد عائلتك أو جار قريب من جيرانك، لأنه فؤاد المهندس.. أصبح الأستاذ.
فؤاد المهندس حالة فريدة لا نجدها كثيراً، فقد استطاع أن يؤسس مدرسة خاصة في الفن أصبحت علامة مميزة تميزه عن غيره، أحب التمثيل منذ صغره، ولأنه نشأ في بيت تربوي وكان والده عميد كلية العلوم ويجيد اللغة العربية، ساعده ذلك على إتقان اللغة، ولكن عندما كشف عن حبه للتمثيل رفضت والدته حتى الحديث في الموضوع، ولكن قرارها لم يمنع فؤاد المهندس من ممارسة التمثيل، كان وقتها في المرحلة الثانوية، وبدأ يشارك في مسرحيات المدرسة دون علمها، وذات مرة صعد المهندس على خشبة المسرح وبدأ ينظر يميناً ويساراً باحثاً عن أحد من عائلته في قاعة المسرح، ولم يوقفه هذا النظر إلا كلمتان بصوت يعرفه المهندس جيداً وهما “انزل يا ولد”، وبمجرد أن سمع المهندس الكلمتين عرف صاحب الصوت ونزل سريعاً دون تردد أو تفكير، وكانت والدته من بين الحاضرين. ولم يكن المهندس يكترث لمصير المسرحية التي تركها أثناء العرض، بل كان كل ما يشغل تفكيره هو ما ستفعله به والدته، ولم يفكر كثيراً، لأنه بمجرد وصوله إلى المنزل كان «مضروباً بالكامل»، على حد تعبيره.
حتى هذه الصفعة لم تمنع المهندس من التفكير في التمثيل، واصل طريقه وكأن شيئاً لم يكن، ثم التحق بكلية التجارة ثم انضم لفرقة مسرح الكلية، وظل يؤدي الأدوار على خشبة المسرح، وبسبب حبه لمسرح نجيب الريحاني قرر الذهاب إليه بحجة عمل لقاء صحفي للكلية، وما إن دخل مكتبه حتى ساد الصمت المكان ولم يستطع أن ينطق بكلمة حتى كسر هذا الصمت صوت الريحاني الأجش عندما قال له: “ماذا تريد يا ابني؟”، وهنا طلب منه عمل لقاء صحفي، وبعد أن انتهى قال له المهندس: “ألن تخرج لنا مسرحية في الكلية؟”. وبالفعل اقتنع الريحاني وأخرج لهم مسرحية “حكاية كل يوم” التي فازت بكأس يوسف وهبي وقتها، وأقيمت هذه المسابقة لأول مرة في الجامعة، واستقرت العلاقة بين الريحاني والمهندس وتعلم المهندس الكثير والكثير من مدرسة الريحاني ومن أهم الأمور التي يجب فعلها عند الخروج عن النص في أي مسرحية، وكان المهندس يعتبر أي خروج عن النص إفلاساً للممثل والمخرج.
قدم المهندس خلال مسيرته الفنية ما يقرب من 20 مسرحية، تعد جميعها من روائع المسرح المصري، هدفت إلى توصيل رسائل مهمة، وقدمت بروح كوميدية، ونشأت بينه وبين عبد المنعم رياض صداقة قوية، حتى أنهما أسسا معًا فرقة الفنانين المتحدين بالتعاون مع سمير خفاجة، واستمرت صداقتهما 47 عامًا، وعندما توفي عبد المنعم مدبولي رفض صديق عمره أن يعيش وحيدًا، والتحق به بعد وفاته بشهرين.
ومن أهم المسرحيات التي قدمها المهندس مسرحية “أنا وهو وهي” من تأليف وإخراج عبد المنعم مدبولي، وشارك في بطولتها كل من فؤاد المهندس وشويكار وصلاح يوسف وسلامة إلياس وعادل إمام والضيف أحمد. والحقيقة أن هذه المسرحية نقطة تحول في حياة المهندس، ليس لأنها من أفضل مسرحياته، بل لأنه اتخذ فيها قرارًا مصيريًا وهو الزواج من حب حياته شويكار. ففي أحد المشاهد، وبينما كان هو وشويكار مستلقين على الأرض، قال لها المهندس “أتتزوجيني يا صغيرة؟”، ولم تتردد شويكار في الموافقة فورًا على الزواج من المهندس، لتبدأ حياتهما الزوجية وتتألق حياتهما الفنية.
كما قدم المهندس مسرحية “أين أنا وأين أنت؟” من تأليف سمير خفاجة، وشارك في بطولتها شكري وسلامة إلياس وعادل إمام وناظم شعراوي، وإخراج فؤاد المهندس، كما قدم مسرحية “حواء الساعة 12” إنتاج عام 1968، من تأليف سمير خفاجة وبهجت قمر، وشارك في بطولتها شكري وزهرة العلا وعبد الله فرالي، وإخراج عبد المنعم مدبولي، ومن إخراج للتليفزيون فايز حجاب.
مسرحية «السكرتير الفني» من تأليف بديع خيري ونجيب الريحاني، وشارك في بطولتها شويكار ومديحة حمدي وعبد المنعم مدبولي وعبد الوارث عصر، وأخرجها للتليفزيون نور الدمرداش، أما مسرحية «سيدتي الجميلة» وهي أيقونة المسرح المصري وأخرجها حسن عبد السلامة وكتبها جورج برنارد شو وأعدها سمير خفاجة، فقد شارك في بطولتها شويكار وناظم شعراوي وزوزو شكيب.
كما قدم المهندس مسرحية “إنها حقاً عائلة محترمة” التي نضحك عليها ونكاتها إلى اليوم وهدفها النبيل، وهي من تأليف بهجت قمر وسمير خفاجة، وإخراج سمير العصفوري، وشارك في بطولتها شكري ومحمود الجندي وأمينة رزق وعبدالله فرغلي، وأخرجها للتليفزيون محمد شاكر. أما المسرحية الفريدة “سك على بناتك” فهي من تأليف لينين الرملي، وبطولة سناء يونس وشريهان وأحمد راتب ومحسن محي الدين، وأخرجها فؤاد المهندس، وأخرجها للتليفزيون محمد شاكر. كما قدم مسرحية “هالة حبيبي” من تأليف عبد الرحمن شوقي، وإخراج حسن عبد السلام، وشارك في بطولتها سناء يونس ودلال عبد العزيز ورانيا عاطف. وأخيراً مسرحية “من أجل عينيك” تأليف بهجت قمر، وإخراج حسين كمال، وشارك في بطولتها كل من شريهان، وسهير الباروني، ومحمود الجندي، والمنتصر بالله.
كان المهندس يقدم نجوم المسرح من خلال مسرحياته، ولم يكتف بذلك، بل كان يعطيهم المساحة والفرصة لإظهار مواهبهم، ولعل أبرزهم الزعيم عادل إمام، الذي اكتشف إمام هو فؤاد المهندس، عندما أعطاه دورًا في المسرحية ووجد الناس يتفاعلون معه، فقرر أن يكبر دوره يومًا بعد يوم، كما قدم لنا الموهبة الكبيرة شريهان، التي كشفت لنا مدى مساعدة المهندس لها في بداياتها وكيف استعانت بنصيحته خلال مسيرتها الفنية، وهناك أيضًا المنتصر بالله، الذي طلب منه العمل معه في مسرحية، حتى لو قدم مشهدًا واحدًا بفلس، فقال له المهندس: تعال إلى المسرح غدًا وسأعطيك 3 أجرة. كم كان فؤاد هذا عظيمًا، وكم نتمنى أن يتكرر في عصرنا وفي كل العصور.
للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .
مصدر المعلومات والصور: youm7