مقالات

فاتورة باهظة دفعها اللواء نجيب … رمز النقاء فى مجلس قيادة ثورة يوليو 1952م

اللواء محمد نجيب يوسف ابن لضابط برتبة البكباشى ( مقدم ) فى الجيش المصرى بالسودان ؛ هو أول ضابط فى الجيش المصرى يحصل على ليسانس الحقوق و دبلومتين للدراسات العليا فى الاقتصاد السياسى و القانون الخاص .

لهذا الضابط الرمز مواقف متعددة مشرفة تبرهن على وطنيته من الشوكة الى النخاع ؛ فقد تقدم باستقالته من الجيش اعتراضا على تدخل الانجليز فى الشأن الداخلى للمملكة ؛ و كان ذلك بسبب محاصرت الدبابات البريطانية قصر الملك فى يوم 4 / 2 / 1942 لاجباره على عودة النحاس لرئاسة الوزارء أو تنازله عن العرش ؛ رفضت استقالته من قبل الملك و عين عام 1944 حاكما اقليميا لسيناء .

عام 1948 شهد أول معركة لنجيب كقائد لفوج مشاه ضد اسرائيل ؛ و قيل أن نجيب عارض تحرك الجيش ضد اسرائيل لعدم جاهزية القوات للقتال ؛ و أصيب نجيب فى هذه المعركة ثلاثة مرات ؛ و اشيد به كبطل بعد الحرب ؛ و قد تعزز بعد تلك الحرب اعتقاده بوجوب عزل الملك فاروق و أنضم لمجموعة الضابط الاحرار .

و يقول ثروت عكاشه فى كتابه ” مذكراتى بين السياسة و الثقافة ” كان اللواء نجيب احد قادة الجيش المرموقين لاسباب ثلاثة أولها : اخلاقياته الرفيعة ؛ ثانيها ثقافته الواسعة فهو حاصل على ليسانس الحقوق و خريج كلية اركان الحرب و يجيد أكثر من لغة ؛ و ثالثها شجاعته فى حرب فلسطين التى ضرب فيها القدوة و حظى باعجاب الضباط كافة فى ميدان القتال .

ايمانه المطلق بالديمقراطية كان السبب وراء سقوطه من التاريخ لثلاثون عاما تقريبا كأول رئيس للدولة المصرى ؛ اراد نجيب العودة السريعة الى الحكومة الدستورية و اعترض على الاحكام التى صدرت بحق سياسيين من مختلف الاطياف من قبل محكمة الثورة ؛ و بمرور الوقت باتت وجهة نظر اللواء نجيب الليبرالية و رغبته فى اقامة نظام ديمقراطى تلقى استياء متزايدا من عبد الناصر و انصاره ؛ و بحلول فيراير 1954 وصل الضغط عليه الى النقطة التى قرر فيها اللواء نجيب تقديم استقالته التى قبلت من مجلس قيادة الثورة وأصبح عبد الناصر رئيس وزراء و ترك الرئاسة شاغرة .

و تحت ضغوط جماعات مدنية و عسكرية اعاد مجلس قيادة الثورة اللواء نجيب لكافة مناصبه التى تخلى عنها بالاستقالة ؛ و وأفق مجلس قيادة الثورة على مطالب اللواء نجيب بالسماح بعودة الاحزاب السياسية و دعوة جمعية تأسيسية لصياغة دستور من اجل التمهيد لتسليم السلطة الى حكم مدنيا لكن هذا الوضع لم يدوم طويلا .

و عندما جرت محاولة اغتيال عبد الناصر فى 1954 تم الزج باسم اللواء نجيب حيث اتهمت جماعة الاخوان بتدبير الحادث و أتهم اللواء نجيب بالتعاطف معها و تم وضعه تحت الاقامة الجبرية لثلاثون عاما تقريبا .

رحم الله اللواء نجيب الذى احب وطنه و دافع من أجله و تحمل فاتورة باهظة فى سبيل اعلاء شانه و رفعة مكانته .

 


اكتشاف المزيد من رأي الأمة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من رأي الأمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading