محمد محيى يكتب: الإختراقات فى زمن الحروب.. سلاح جديد يغير موازين الصراع
لقد تغيرت ملامح الحرب جذرياً في العصر الرقمي الحديث، إذ أصبح الفضاء الإلكتروني جزءاً لا يتجزأ من استراتيجيات الدول والجيوش. ولم تعد المواجهات مقتصرة على المعارك التقليدية، بل أضيف إليها سلاح جديد يغير موازين القوى في الصراع وهو “الاختراقات والهجمات السيبرانية”.
ولم تعد الاختراقات مجرد هجمات فردية يقوم بها مبرمجون ماهرون، بل أصبحت جزءا من استراتيجيات الحرب الحديثة، حيث أصبح بإمكان الدول الآن استخدام الهجمات السيبرانية لتعطيل البنية التحتية الحيوية للأعداء، مثل الكهرباء والمياه، وحتى استهداف الأنظمة الاقتصادية والإدارية، و أصبحت هذه الهجمات تهديدًا مباشرًا للأمن القومي. وفي بعض الحالات، قد يكون لها تأثير أكثر خطورة من الهجمات العسكرية التقليدية.
ومن أبرز الأمثلة على استخدام الاختراقات كسلاح استراتيجي، هجوم ستوكسنت على المنشآت النووية الإيرانية عام 2010، حيث تم تصميم الفيروس لتعطيل أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم، وكان الهدف تعطيل برنامج إيران النووي دون اللجوء إلى المواجهة العسكرية المباشرة. وكان هذا الهجوم بمثابة نقطة تحول في فهم كيفية استغلال الفضاء الرقمي لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية.
ولا تقتصر التأثيرات المحتملة للهجمات السيبرانية في الحروب على تعطيل الأنظمة الحكومية أو العسكرية فحسب، بل تمتد أيضًا إلى التأثيرات النفسية على الناس. وتؤدي الهجمات على البنية التحتية، مثل انقطاع التيار الكهربائي أو تدمير شبكات الاتصالات، إلى الفوضى، مما يساهم في زعزعة الاستقرار الداخلي. على سبيل المثال، تسبب الهجوم على شبكة الكهرباء الأوكرانية عام 2015 في انقطاع التيار الكهربائي عن مئات الآلاف من المواطنين، وهو ما يعكس مدى تأثير هذه الهجمات على الحياة اليومية.
ومن أجل مواجهة هذه التهديدات، لم تقتصر الدول على الدفاع التقليدي، بل اتجهت إلى تعزيز أمنها السيبراني. وقد تم تخصيص مليارات الدولارات لتطوير التقنيات المتقدمة التي تشمل الذكاء الاصطناعي، وإجراءات الحماية الإلكترونية مثل جدران الحماية، وأنظمة الكشف عن التهديدات المتقدمة. ومع ذلك، فإن الهجمات السيبرانية هي دائمًا خطوة واحدة في السباق بين الهجوم والدفاع.
وفي ظل هذه المتغيرات يطرح السؤال الأهم: كيف يمكن للمجتمع الدولي تنظيم الحروب السيبرانية؟ وهناك حاجة ملحة إلى وضع قوانين دولية تنظم هذه المنطقة وتحمي المدنيين وتحد من الآثار السلبية لهذه الهجمات على أمن واستقرار الشعوب.
وفي الختام، فإن الاختراقات في زمن الحرب أصبحت سلاحا جديدا يغير ميزان الصراع. ومع تزايد تأثير الهجمات السيبرانية على الأمن القومي، تزداد الحاجة إلى تعزيز الحماية السيبرانية والتعاون الدولي من أجل تنظيم هذه الحروب الرقمية، التي أصبحت جزءا أساسيا من معركة العصر الحديث.
للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .
مصدر المعلومات والصور: youm7
اكتشاف المزيد من رأي الأمة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.