مرصد الأزهر: 58 ألف يهودي يقتحمون الأقصى خلال عام 2024م
سلط مرصد الأزهر لمكافحة التطرف الضوء على اقتحام المسجد الأقصى، موضحا أن رقما قياسيا جديدا يسجله مقتحمو الأقصى خلال عام 2024م يصل إلى 58000 مقتحم، مقارنة بالرقم القياسي السابق المسجل في عام 2023م والذي بلغ 51483 مقتحمًا؛ ليسجل عام 2024م، ارتفاعًا بنسبة تجاوزت 13% في عدد المقتحمين، مقارنة بعام 2023م.
وشهدت ساحة المسجد الأقصى خلال العام 2024م، سلسلة من الانتهاكات الصهيونية، سواء على مستوى المسئولين عتاة التطرف، أو على مستوى جماعات المستوطنين الذين سرعان ما يستجيبون لدعوات منظمات الهيكل (المزعوم) في تحريضهم للحشد، خاصة في المناسبات الدينية والصهيونية المختلفة، مستغلين تحول الأنظار تجاه حرب الإبادة الجماعية التي تشنها قوات الاحتلال في قطاع غزة، وكذلك مُدُن وبلدات الضفة الغربية المحتلة، منذ السابع من أكتوبر 2023م.
فبعد أن طوى عام 2023م، صفحته على اقتحام 50 ألف مستوطن لباحات الحرم القدسي الشريف (حسب تقرير مرصد الأزهر – بتاريخ 1 من يناير 2024م)؛ بدأ عام جديد يحمل في ثناياه حلقات متتالية من التـدنيس بحق أولى القبلتين من الصهيونية الدينية التي تحظَى بدعم خارجي –وخاصة من المسيحيين الإنجيليين المساندين للحركة الصهيونية في الولايات المتحدة- إضافة إلى الدعم غير المحدود من سلطات الاحتلال في الداخل، الذي بلغ ذروته في ظل الحكومة اليمينية الأشد تطرفًا برئاسة مجرم الحرب “نتنياهو”.
وفيما يلي أبرز الأحداث منذ مطلع العام 2024 م:
يناير 2024م:
شهد شهر يناير من العام الجاري اقتحام نحو 2427 مستوطنًا لباحات الأقصى، وذلك تزامنًا مع الشهر الرابع من العدوان على قطاع غزة، بزيادة تناهز 12.6٪، مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي 2023م، وقد جرى اقتحام من بين تلك الاقتحامات برفقة الحاخام “يسرائيل أرييل” الذي يُعد الحاخام الروحي لوزير الأمن المتطرف “إيتمار بن جفير”، والحاخام “يتسحاق براند”، رئيس مدرسة جبل صهـيون الدينية.
فبراير 2024م:
وفي شهر فبراير، شارَك ما يزيد عن ثلاثة آلاف مستوطنٍ في اقتحام المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال، وكان من بين المشاركين في الاقتحامات طلاب مدرسةٍ دينيةٍ، ونساء من منظمة “نساء لأجل المعبد”، وأدى المستوطنون صلوات توراتية، وطقوسًا استفزازية في أثناء الاقتحامات، لا سيما في المنطقة الشرقية من المسجد؛ تلك المنطقة التي تضم باب الرحمة، الذي “سيدخل منه المخلص إلى أرض المعبد” حسب المعتقد اليهودي؛ والمقصود بأرض المعبد (الهيكل المزعوم). وفي الثامن عشر من الشهر نفسه، مَارسَ وزير الأمن الصهيوني المتطرف “إيتمار بن جفير” ضغوطه على حكومة الاحتلال من أجل منع المسلمين من دخول الحرم القدسي الشريف في شهر رمضان (الماضي)؛ حيث زعم “بن جفير”، أن السماح للفلـسـطينيين بالوصول إلى الحرم القدسي في “شهر رمضان” سيتيح لهم فرصة الاحتفال بانتصار المقاومة وصمودها. وقد أطلق “مرصد الأزهر” تحذيره من تلك الدعوات المقيتة التي تسمح للمستوطنين باقتحام الحرم القدسي الشريف، في حين تجنح إلى منع المسلمين من الوصول إلى الأقصى في الشهر المعظم. وفي تصعيد صهيوني واضح للأوضاع، طَرَحَت منظمة “بيادينو- بأيدينا” (إحدى منظمات الهيكل المزعوم) -في 21 من فبراير 2024- استفتاءً تدعو فيه المستوطنين للتصويت من أجل رفع علم الكيان داخل باحات الأقصى المبارك، وذلك في الاحتفال بما يسمى بيوم الاستقلال (يوم إعلان قيام دولة الاحتلال على أرض فلسطين في مايو 1948م)، الذي يوافق 14 من مايو من كل عام.
مارس 2024:
وفي شهر مارس كانت مدينة “القدس المحتلة” على موعد مع انطلاق ماراثون -تهويدي- رياضي، وبالتحديد، يوم الجمعة 8 من مارس 2024م، بمشاركة 35 ألف يهودي من داخل الأراضي المحتلة وخارجها. وتزامن تنظيم الماراثون الرياضي (المزعوم) مع توافد آلاف الفلسطينيين والمقدسيين إلى القدس المحتلة؛ لأداء صلاة الجمعة في “المسجد الأقصى”، ما أدى إلى إعاقة وصول الكثيرين إليه نتيجة إغلاق الشوارع بقرار بلدية الاحتـلال؛ ما اعتبره مرصد الأزهر محاولة صهيونية لاستغلال الرياضة لمحو الهوية العربية والإسلامية عن المدينة المقدسة، وتغطية على المجازر الوحشية الدائرة في القطاع لشهرها السادس على التوالي.
أبريل 2024م:
قبيل “عيد الفصح اليهودي” (من 23 إلى 29 من أبريل 2024م) قامت جمعيات ومنظمات صهيونية متطرفة وعلى رأسها منظمة “حوزريم لهار- عائدون إلى جبل الهيكل (المزعوم)” بعرض مكافآت مادية قوامها 50 ألف شيكل (أي ما يزيد على 13 ألف دولار) لمن يتمكن من إدخال القرابين للأقصى، وذبحها في باحاته، كما جعلت عودة المستوطنين الأسرى في قطاع غزة هدفًا لهذه القرابين هذا العام؛ لإعطاء الطقس طابعًا سياسيًّا ودينيًّا في آنٍ واحد. وفي السياق نفسه، دعا الحاخام “يسرائيل أرييل” رئيس معهد الهيكل (المزعوم)، المستوطنين الصـهاينة للتظاهر بالآلاف عند حائط البراق؛ من أجل الضغط على حكومة الاحتلال للموافقة على ذبح “قرابين الفصح اليهودي” في المسجد الأقصى المبارك، قائلًا: “عند حضور 200 ألف شخص عند حائط (المَبْكَى) لن يذهبوا حتى تُفتَح البوابات أمامهم لتقديم ذبيحة الفصح”. وادَّعَى الحاخام الصهيوني أن الحرم القدسي في خطر، بعد أن أدَّى أكثر من 1.5 مليون مسلم الصلاة بالمسجد الأقصى خلال شهر رمضان المبارك. وكان من بين أبرز المقتحمين في عيد الفصح أشهر قادة اليمين الصهيوني المتطرف، الحاخام “يهودا جليك”، وعضو الكنيست “عميت هاليفي”، وقاد الجولات الإرشادية للمستوطنين كل من رئيس منظمة بيادينو “توم نيساني”، والمستشرق الصهيوني “مردخاي كيدار”، وغيرهما ممن قَدَّموا الرواية التوراتية (المزعومة) عن المكان المقدس. وبزيادة تقدر بنحو 21٪ عن العام الماضي 2023م اقتحم 4345 مستوطنًا الأقصى خلال أيام ما يُسمى: “عيد الفصح” اليهودي.
مايو 2024م:
وعن انتهاكات شهر مايو 2024 م، فقد قام 4277 مستوطنًا باقتحام المسجد الأقصى المبارك، الثلاثاء 14 من مايو 2024م، وتمكَّن بعضهم من رفع علم الكيان الصـهيوني، بل التوشُّح به داخل باحاته الشريفة، وذلك استجابة لدعوات جماعات الهيكل المزعوم، التي أطلقت عريضةً لجمع توقيعات مؤيدة ومُطالِبة برفع 500 علمٍ صهيوني في المسجد المبارك، والتلويح به، إحياءً لذكرى ما يُطلِقون عليه: “يوم هعتسماؤوت- يوم الاستقلال” أو ذكرى قيام الدولة المزعومة (كما سبقت الإشارة). وإضافة إلى رفع العلم، أدى عددٌ من المتطرفين “طقوسًا تلمودية” علانيةً في الساحة الشرقية من المسجد، وترديد النشيد الوطني الصـهيـوني “هاتيكفا”. وقد هيَّأَت شرطة الاحتلال الأجواء للمقتحمين، إذ أفرغت المسجد من المصلين ومنعت دخول الفلسطينيين الوافدين إليه.
يونيو 2024م:
كعادة حركات الهيكل المزعوم ومنظماته في انتهازها المناسبات لفرض واقع جديد على المسجد الأقصى، دَعَت منظمة “بيادينو” عبر مواقعها المختلفة، الأربعاء 29 من مايو 2024، لاقتحام المسجد الأقصى بالآلاف، يوم الأربعاء الموافق 5 من يونيو 2024، في خلال ما يسمى بـ”مسيرة الأعلام” الصهيونية و”مسيرة الأعلام”، أو “يوم القدس” هي احتفالات بدأت مع احتلال الكيان الصهيوني للقدس الشرقية (بما في ذلك البلدة القديمة)، وتوحيدها مع القدس الغربية في أعقاب حرب يونيو 1967م، كما جددت تلك المنظمات دعواتها في مطلع يونيو 2024م. وبالفعل، واستجابة لتلك الدعوات، توافد آلاف المستوطنين -في الخامس من يونيو 2024م- على مدينة القدس المحتلة، واقتحموا البلدة القديمة، وساروا عبر شوارعها وأزقتها، وصولًا إلى باب العمود الموصل للمسجد الأقصى، ولوَّحوا بالأعلام الصهيونية، وبعض الأعلام التي تحثُّ على الكراهية، كما سُجِلت اعتداءات بحق أصحاب متاجر، وصحفيين فلسطينيين كانوا يقومون بتغطية الحدث. وشارك في تلك الذكرى الصهيونية شخصيات سياسية بارزة، أهمهم: وزير الأمن القومي “إيتمار بن جفير”، ووزير المالية المتطرف “بتسلئيل سموتريتش”، وقد وثَّقت المشاهد قيام الأخير بالعزف والرقص مع المشاركين. في حين صرح الأول لوسائل الإعلام العبرية قائلًا: “عُدت إلى هنا مجدَّدًا لتوجيه رسالة للفلسطينيين، ولكل بيت في غزة، وكذلك في الشمال، مفادها: أننا هنا، القدس لنا، وباب العمود لنا، وجبل الهيكل لنا (أي: المسجد الأقصى) … اليوم، وبسبب سياساتي تجوَّل اليهود في البلدة القديمة بكل أريحية، وكذلك قاموا بأداء الصلوات (أي: الطقوس التلمودية) في المسجد الأقصى دون عائق، هذا هو حقنا … وهذه هي رسالتنا للفلسطينيين”. ولم تتوقف الانتهاكات –في ذلك اليوم- عند باب العمود، بل تجاوزتها وصولًا للأقصى المبارك؛ فبالتزامن مع “المسِيرَة”، سمحت شرطة الاحتلال لنحو 1500 مستوطن باقتحام الأقصى المبارك، ورفع الأعلام الصهيونية في قلب باحاته المشرفة. وفي يوم الأربعاء الموافق 12 من يونيو 2024 م، سمحت شرطة الاحتلال -كذلك- باقتحام ما يزيد عن 700 مستوطن لباحات الأقصى الشريف، تزامنًا مع عيد الأسابيع (هشـﭬوعوت) اليهودي (وهو يوم الاحتفال بنزول التوراة). وجرت الاقتحامات عبر باب المغاربة في الجدار الغربي للمسجد الأقصى، في صورة مجموعات، وبحماية شرطة الاحتلال. هذا ولم يسلم المسجد الأقصى في باقي الأيام (غير الاحتفالية) من اقتحامات المستوطنين والتي غالبًا ما تكون بالعشرات، ليصل إجمالي عدد المقتحمين، في شهر يونيو 2024م، إلى 4414 معتديًا، وسط حالات اعتقال في صفوف المرابطين والمرابطات، وكذلك تحذيرات واستغاثات من إدارة أوقاف وشئون الأقصى المبارك، التي أعلنت أنها وثقت 18 اقتحامًا للمسجد الأقصى المبارك من قوات الاحتلال والمستوطنين في خلال يونيو 2024م، فيما مُنِع رفع الأذان في المسجد الإبراهيمي 54 وقتًا.
يوليو 2024م
:
وشهد يوليو 2024م، اقتحام نحو 3739 مستوطنًا ساحات الأقصى المبارك، تحت حراسة مُشددة من شرطة الاحتلال وأجهزته الأمنية المُختلفة، وشهد كذلك أحداثًا عديدة، تعكس التجرؤ الصهيوني على استباحة الأقصى وتدنيسه، على رأسها: إقدام الوزير الصهيوني “إيتمار بن جفير” على اقتحام الأقصى المبارك، في 18 من يوليو، للمرة الثانية منذ اندلاع العدوان على غزة؛ إذ قال من داخل الأقصى: “جئت هنا لأكثر مكان أهمية لـ(إسرائيل)، و(لشعب إسرائيل)، من الأفضل أن نصلي لعودة (المختطفين) إلى البيت، لكن بدون صفقة خاسرة، وبدون خضوع”. وحلّت أبرز المناسبات الدينية المزعومة، الثلاثاء 23 من يوليو 2024 م؛ إذ اقتحم في ذلك اليوم 342 مستوطنًا؛ استجابةً لدعوات منظمات الهيكل لإحياء ما يقولون: إنها ذكرى اقتحام البابليين لأسوار القدس، وهي ذكرى تمهّد لأخرى أشد احتفاءً من قبل الصهاينة؛ ألا وهي ذكرى “خراب الهيكل”، التي تأتي بعد الذكرى الأولى بـ 20 يومًا.
أغسطس 2024م:
هذا وقد شهد شهر أغسطس 2024م، اقتحام ما يزيد عن 7000 مستوطن لباحات الأقصى المبارك؛ وذلك في إطار العديد من الفعاليات والمناسبات الصهيونية (فضلًا عن الاقتحامات اليومية المعتادة)، إضافة إلى التصريحات المتطرفة، التي تنمُّ عن اجتراء غير مسبوق تجاه الحرم القدسي الشريف. ففي يوم الأحد 11من أغسطس 2024م، وبالتزامن مع دخول العدوان على غزة شهره الحادي عشر، شارك مئات المستوطنين الصـهاينة في سلسلة بشرية حول المسجد الأقصى المبارك من حائط البراق إلى باب الرحمة، وذلك استجابة لدعوة أطلقتها جماعات الهيـكل المزعوم؛ مطالبين بإعادة الاستيطان في “جوش قطيف” (كتلة مكونة من 21 مستوطنة جنوب قطاع غزة)، وإعلان السيادة الصهيونية الكاملة على المسجد الأقصى المبارك. كما شارك في تلك الفعالية التي أطلقوا عليها: “سلسلة النصر”، عضوان من أعضاء الكنيست اليمينيين (ليمور سون هار ملخ، وتصفي سوكوت)، واللذَيْن أعلنا دعمهما لتلك الفاعلية، وذلك في دعوةٍ منهما إلى إعادة الاستيطان في قطاع غـزة. هذا وقد ارتدى المشاركون في الفعالية قمصانًا برتقالية اللون تشبه السلسلة البشرية التي جرت سابقًا، في محاولة من تلك المنظمات المتطرفة لوقف خطة فكّ الارتباط، وإعادة الاستيطان في قطاع غزة. وكان الصحفي “ينون ميجال” قد نشر عبر صفحته على منصة إكس، صورة لنشطاء من جماعات الهـيكل (المزعوم) وهم يتدربون على ممارسة طقوس البقرة الحمراء، التي تهدف إلى التبشير ببناء هيكلهم (المزعوم) على أنقاض المسجد الأقصى المبارك. وفي يوم الثلاثاء 13 من أغسطس 2024م (التاسع من آب بالتقويم العبري)، كان الأقصى على موعد مع ذكرى ما يُطلق عليه: “خراب الهـيكل”؛ حيث شهدت باحات الأقصى المبارك اقتحام أكثر من 2958 مستوطنًا، منذ الفترة الصباحية للاقتحامات التي تمتد خلال فترة الصيف من 7 صباحًا إلى 11:30 ظهرًا؛ حيث حوَّلت قوات الاحتـلال ساحات الأقصى المبارك لثكنة عسكرية، بهدف تأمين المستوطنين المتطرفين الذين رفعوا علم كيانهم الغاصب داخل باحات المسجد المباركة. وكان على رأس المقتحمين وزير الأمن الصهـيوني الداخلي، إيتمار بن جفير (للمرة الثالثة منذ العدوان على غزة)، برفقة عدد من المسئولين الآخرين، مثل: وزير النقب والجليل “يتسحاق فاسرلئوف”، وعضو الكنيـست “عميت هاليفي”، صاحب مخطط تقسيم الأقصى بين المسلمين واليهود، وعدد من حاخامات الصهـيونية الدينية من أصحاب الفكر المتطرف. وفي يوم الأحد 25 من أغسطس 2024م، قامت مجموعة من المستوطنين بقيادة الحاخام “إليشع ولفسون” (رئيس المدرسة الدينية اليهودية في القدس المحتلة) بممارسة الصلوات التلمودية، والسجود على أعتاب باحات المسجد الأقصى المبارك. في مشهد استنكرته بعض الطوائف اليهودية، واعتبرته بمثابة إلقاء مزيد من الوقود على النار المشتعلة، فيما وصفه آخرون بـ”المشهد التاريخي”. وفي تصريح لـ”ولفسون” يعكس فيه السياسة الصهـيونية المتبعة تجاه الأقصى، ذكر فيه أن شرطة الاحتـلال تسمح لليهود بالصلاة والسجود عند باحات الأقصى، معقبًا: “نحن ننتصر ونرى بأمِّ أعيننا تحقيق النبوءات، وبفضل هذا سيتم بناء الهيكل.. فكما سُمِح لنا بالصلاة والسجود في هذا المكان الآن، فإن إعادة بناء الهيكل ليست منا ببعيد”.
وبحسب بيان المدرسة الدينية، فإن الحاخام “ولفسون” ورفاقه قد أدَّوا صلاة شكر، وانبطحوا باسطي أيديهم وأرجلهم؛ وهو نوع من الطقوس التعبدية مسموح به فقط فيما يُطلقون عليه زورًا جبل الهيكل (المزعوم)، يعنون: الأقصى المبارك. كما أشارت “المدرسة” إلى أن الوضع القائم الآن لم يكن ليسمح بمثل هذا النوع من الصلوات (بحسب القانون)، بيد أنه في الفترة الأخيرة لم تقم الشرطة باعتقال الأشخاص الذين أدَّوا الصلوات في (جبل الهيكل) بحسب قولهم. وعقب انتشار مقاطع فيديو للمتطرفين الصهاينة وهم يسجدون في باحات الأقصى المبارك، واصل وزير الأمن الصهيوني “بن جفير” تصريحاته المتطرفة بحق الأقصى المبارك؛ حيث صرح في لقاءٍ أجراه، صباح الخميس 26 من أغسطس 2024م، عبر إذاعة جيش الاحتلال، أنه يعتزم القيام ببناء كنيسٍ خاصٍّ باليهود في الحرم القدسي الشريف. ويعتبر هذا من أقوى التصريحات التي تأتي على لسان مسؤول أمنيّ، والتي تؤكد نوايا الاحتلال الخبيثة في تقسيم الأقصى زمانيًّا ومكانيًّا. وفي إطار سعيها لتهويد المسجد الأقصى، قامت منظمة “بيادينو” بإطلاق موقع باللغة العربية للتعريف بالأقصى باعتباره هيكلًا لليهود، وإعطاء معلومات مغلوطة للقارئ العربي حول الحرم القدسي؛ إذ تزعم المنظمة أنها ستنشر من خلال الموقع فيديوهات تشرح من خلالها لأبناء العالمَين الإسلامي والعربي، بل والعالم أجمع، علاقة اليهود بالحرم القدسي، وتحطيم ما أسمته كذبًا “جبل الهيكل” بـ”الأقصى”. كما احتفلت هذه المنظمة عبر صفحتها على موقع “فيس بوك” بتسجيل رقم غير مسبوق في أعداد مقتحمي المسجد الأقصى خلال العام العبري –الذي بدأ 15 من سبتمبر 2023م، وانتهي في 2 من أكتوبر 2024م – حيث أعلنت منظمة “بأيدينا من أجل الهيكل” اقتحام ما يزيد عن 50 ألف مستوطن لساحات المسجد الأقصى منذ بداية العام العبري، بزيادة تقدر بنحو 8٪ عن العام قبل الماضي، والذي كان يعدُّ هو العام الذي شَهِد أكبر عدد من المقتحمين، إذ اقتحم خلاله 46344 مستوطنًا باحاته المقدسة، وبزيادة تقدر بنحو 14٪ عن العام العبري السابق، والذي شهد اقتحام 43893 مستوطنًا. وفي يوم الثلاثاء، 27 من أغسطس 2024م، وافق مكتب رئيس وزراء الكيان الصهيوني وقيادة الأمن القومي على خطة وزارة التراث إصدار جولات إرشادية لليهود في المسجد الأقصى المبارك، بتمويلٍ يُقدَّر بمليونَي شيكل، من ميزانية الحكومة. وردًّا على هذا الإعلان، صرَّحت وزارة التراث أنها تعتزم إطلاق جولات إرشادية في المسجد الأقصى المبارك، والتي ستسمح لأول مرة لآلاف اليهود، ومئات الآلاف من السياح الذين يزورون الأقصى كل عام، بالاستماع إلى التراث اليهودي للأقصى بنسخةٍ تاريخيةٍ دقيقةٍ، خالية من الروايات البديلة والكاذبة (بحسب زعمهم).
سبتمبر 2024م:
شهد شهر سبتمبر 2024م، اقتحام 4697 مستوطنًا، وأدى المستوطنون صلوات توراتية في أثناء اقتحامهم المسجد، وفي 4 سبتمبر، اقتحم عضو الكنيست السابق، الصهيوني المتطرف، الحاخام “يهودا جليك” المسجد الأقصى، على رأس وفدٍ من الصهاينة المسيحيين القادمين من الهند، والتَقطوا صورةً أمام مصلَّى قبة الصخرة، نشرها “جليك” معلقًا: “الصلاة على صهيون برفقة عاشق (إسرائيل)”. وفي خطوة صهيونية للتيسير على المستوطنين في اقتحام الأقصى، شَرَعت سلطات الاحتلال بوضع أساسات لبناء مصعد كهربائي لتسهيل وصول المستوطنين إلى ساحة البراق، غربي المسجد الأقصى، وتبلغ كلفة المشروع 50 مليون شيكل، ويمتد المصعد من “الحي اليهودي” الاستيطاني إلى حائط البراق المحتل، وسيُخَصَّص للمستوطنين المعاقين وكبار السن؛ لتسهيل وصولهم إلى ساحة البراق. وفي مقابل استمرار الاقتحامات وتكرار أداء الصلوت التوراتية العلنية في الأقصى، استمر الاحتلال في الحصار المفروض على المسجد، وفرض القيود على المصلين ومنع أهل الضفة من الوصول إليه، والاعتداء على المقدسيين، ومنع بعضهم من الدخول إلى الأقصى حتى في أيام الجمعة.
أكتوبر 2024م:
وتخلل شهر أكتوبر 2024م، موسم الأعياد اليهودية الأطول؛ لذا لم يمرُّ سريعًا على مدينة القدس ومسجدها. فقد شهد شهر أكتوبر 2024م، ارتفاعًا كبيرًا في عدد المستوطنين الذين اقتحموا المسجد الأقصى؛ إذ تجاوز 10 آلاف مقتحم، من بينهم 5980 مستوطنًا اقتحموا الأقصى في أسبوع “عيد العُرش” اليهودي، المعروف عبريًّا باسم “سوكوت” (من 16 حتى 24 أكتوبر )، وهو الرقم الأعلى للاقتحامات في شهر واحد منذ بداية العدوان على غزة في أكتوبر2023م. ويرتبط ارتفاع عدد المقتحمين إلى احتفال المستوطنين بموسم الأعياد العبرية الطويل الذي بدأ في 3 من أكتوبر 2024م، مع رأس السنة العبرية، وصولًا إلى “عيد “سِمْحَت هتّوراة” -بهجة التوراة” في 24 من أكتوبر 2024م. واقتحم وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال “إيتمار بن جفير” ساحة حائط البراق، بحراسة أمنية مشددة، وحمل “القرابين النباتية”، وشارك في الصلوات التوراتية. فيما قاد الحاخام “يهودا جليك” إحدى المجموعات في اقتحام الأقصى مرتديًا اللباس الأبيض الخاص بطبقة الكهنة. ورافق “جليك” صهاينة من الصين اقتحموا المسجد الأقصى تحت غطاء “السياحة”، وأدُّوا طقوسًا يهودية فيه. وفي 23 أكتوبر، آخر أيام “عيد العُرش، اقتحم “توم نيساني”، مدير منظمة “بيادينو”، المسجد الأقصى ورفع العلم الصهيوني وردّد: “شعب (إسرائيل) حيّ”.
نوفمبر 2024م:
وخلال نوفمبر 2024م، اقتحم الأقصى 3,991 مستوطنًا؛ بنسبة ارتفاع بلغت نحو 25% مقارنة بالشهر نفسه من عام 2023م. وأدى المستوطنون –بحماية شرطة الاحتلال- طقوسًا وصلواتٍ توراتية (منها طقس السجود الملحمي)، لا سيَّما في الجهة الشرقية من المسجد المبارك، التي بات المستوطنون يتعاملون معها كأنها “كُنيِّس” غير معلَن”. وفي يوم الثلاثاء 26 نوفمبر ، قاد الحاخام المتطرف، “يهودا “جليك” وفدًا صهيونيًّا أمريكيًّا، وقدَّم شروحًا توراتية حول “الهيكل” المزعوم، واقتحم باحة قبة الصخرة، تحت سمع وبصر قوات الاحتلال. ونشرت “جماعات الهيكل” على صفحاتها في منصات التواصل الاجتماعي صورة قرب المصلى القبلي وتظهر فيها قبة الصخرة، فيما يرفع مستوطن قطعة معدن عليها صورة “الهيكل”، مكتوب عليها بالعبرية “קרוב בימנו- قريبًا في أيامنا”، في إشارة إلى تطلعات هذه الجماعات إلى بناء “الهيكل” المزعوم، في وقت قريب. كما دعت منظمة “בידינו – למען הר הבית- بأيدينا من أجل جبل الهيكل” إلى عقد مؤتمرها السنوي لتسريع بناء “الهيكل”، الأربعاء 4 ديسمبر، تحت عنوان: “طريق النصر بأيدينا.. ما حققناه وإلى أين نحن ذاهبون حتى النصر”، علمًا أن “جماعات الهيكل” عملت في الأشهر الماضية على الربط بين العدوان على غزة من جهة وبين اقتحامات الأقصى وبناء “الهيكل” من جهة أخرى. وبالتزامن مع الاقتحامات وممارسة الطقوس الاستفزازية، استمر الحصار المشدَّد الذي يفرضه الاحتلال على الأقصى منذ العدوان على “غزة”، وقيَّدت قوات الاحتلال وصول المصلين والمرابطين إلى المسجد، فيما استمرت في سياسة عرقلة وصول الأهالي إلى الأقصى لأداء صلاة الجمعة، في نصب الحواجز في الطرق المؤدية إلى الأقصى، والتدقيق في الهوية، ومنع الشباب من الوصول للمسجد، والاعتداء بالضرب على عدد منهم. هذا وقد وثَّقت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، في تقريرها الشهري حول انتهاكات الاحتلال لدور العبادة، 20 اقتحامًا للمسجد الأقصى المبارك، ومنع رفع الأذان في الحرم الإبراهيمي 55 وقتًا، خلال شهر نوفمبر 2024م. وضمن الاعتداء على مقدساتنا الإسلامية في الأراضي المقدسة، طالب وزير أمن الكيان، المتطرف “إيتمار بن جفير”، بمصادرة مكبرات الصوت في مساجد المدن الفلسطينية المحتلة المختلطة بالضفة الغربية؛ أي التي يسكنها فلسطينيون ويحتلها مستوطنون صهاينة، بزعم أنها “تُسبب إزعاجًا للسكان” [في إشارة إلى المستوطنين الغاصبين].
ديسمبر 2024م:
رغم ما شهده المسجد المبارك خلال شهر ديسمبر 2024م، من اقتحامات ممنهجة تنظمها جماعات الهيكل المزعوم؛ إلا أن الأقصى كان على موعد مع اقتحام موسمي، يوم الخميس 26 ديسمبر 2024م، وهذه المرة بقيادة الوزير “إيتمار بن جفير”؛ حيث قاد اقتحامًا جديدًا للمسجد الأقصى من جهة باب المغاربة، بمشاركة عشرات المستوطنين، وأدوا طقوسًا تلمودية عنصرية في باحاته، تحت حماية مشددة من شرطة الاحـتلال، احتفالًا بأول أيام ما يسمى بعيد الأنوار (الحانوكا) العبري. وكانت ما تُسمى بجماعات الهيكل المتطــرفة، قد دعت يوم الأحد 22 ديسمبر 2024م، إلى اقتحامات موسَّعة للمسجد الأقصى؛ إحياءً للعيد اليهـودي المذكور (الممتد من 26 ديسمبر 2024م، وحتى 2 يناير 2025م). واختتم العام الميلادي 2024م، وبالتحديد في 30 ديسمبر- خامس أيام عيد الحانوكا، بقيام مسؤولين بارزين في حكومة الكيان بإشعال (شمعة الحانوكا) عند مدخل المسجد الأقصى؛ حيث جاء على لسانهم ما يلي: نائب رئيس الوزراء ووزير العدل “ياريف ليفين”: “عندما كنت وزيرًا للسياحة، كان ليَ شرف القيام ببعض الأشياء لجعل هذا المكان (باحات المسجد الأقصى) في متناول الجميع وتسهيل قدوم الناس (أي: المستوطنين) إليه وزيارته (أي: اقتحامه)”. رئيس لجنة الدستور عضو الكنيست “سيمحا روتمان”: “نحن عند بوابة جبل الهيكل (أي: الأقصى)، المكان الذي بدأ فيه “عيد الحانوكا” (بزعمه). “رغم أننا ننتظر استئناف العمل في الهيكل (يعني الأقصى)، إلا أن الصعود (أي: الاقتحامات) أصبح أيضًا أمرًا يوميًّا، وذلك بفضل الحاخام “شمشون إلبويم” (رئيس منظمة إدارة جبل الهيكل- المزعوم) وجميع المشاركين في العمل هنا”. نائب رئيس الكنيست عضو الكنيست “نيسيم فاتوري”: “من المهم بالنسبة لي أن آتي إلى هنا كل عام، لإشعال الشموع عند مدخل جبل الهيكل (المزعوم)، من باب تقديري الكبير لروّاد جبل الهيكل، ولمباركة الحاخام “شمشون إلبويم” الذي يتولى عملية الصعود إلى الجبل، ويقوم بنشاط ملموس ومهم للحفاظ على علاقاتنا بجبل الهيكل”. وتأتي تلك الاقتحامات، وممارسة الطقوس الدينية على أيدي القادة البارزين، في إطار تشجيع وتنشيط حركة الاقتحامات، وتسهيل استباحة الأقصى للمستوطنين؛ بهدف تهويد الأقصى، وسلبه كليًّا من أيدي الأوقاف الإسلامية، ومن ثمَّ هدمه، وتشييد هيكلهم المزعوم على أنقاضه.
وختامًا:
مما سبق يتأكد للناظر أن المسجد الأقصى المبارك يتعرض لحربٍ دينية شرسةٍ لا هوادة فيها، مدفوعة بعزمٍ صهيونيٍّ صريحٍ لانتزاع الأقصى المبارك من أيدي المسلمين بشتى السبل والوسائل؛ وفرض واقع جديدٍ؛ فالاحتلال يسعى إلى تهويد الأقصى عبر خطةٍ تدريجيةٍ تشمل تقسيمه زمانيًّا ومكانيًّا، بهدف تحويله إلى مكانٍ مقدسٍ يهوديٍّ بالكامل، من خلال فرض الطقوس التوراتية لتشييد الهيكل المزعوم، ما يستدعي تحركًا فوريًّا لكافة القوى الضاغطة إقليميًّا ودوليًّا؛ للحَول دون المخطط الصهيوني الخبيث، الذي تسعى فيه حكومة الكيان المَقِيت برئاسة “نتنياهو” لتقديم فروض الولاء للأحزاب الدينية المتطرفة على حساب “الأقصى” ومشاعر المسلمين حول العالم لضمان تماسكها، إضافة إلى محاولة إحباط العزيمة الفلسطينية، وإشعار الفلسطينيين بأن مقاومتهم لم تؤثر في الذَّود عن حياض الأقصى المبارك، والدفاع عن حرمته. وتأتي تلك الحرب الدينية في ظل ما يشهده قطاع غزة من تطهير عرقي، وحرب إبادة جماعية، منذ أكثر من 14 شهرًا، أدت إلى استشهاد نحو 46 ألف فلسطيني (بحسب المعلن)، وإصابة نحو 110 آلاف آخرين، في حصيلة غير نهائية؛ إذ لا يزال آلاف الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم بسبب استهداف المستشفيات والكوادر الطبية، وحرمان الفلسطينيين من وصول المساعدات الإنسانية اللازمة.
للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .
مصدر المعلومات والصور: youm7
اكتشاف المزيد من رأي الأمة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.