7579HJ
منوعات

نماذج ملهمة.. "هانم الصعيدية" تقود الميكروباص وتدهس العادات البالية

القاهرة: «رأي الأمة»

تحدت التقاليد والعادات، وبروح المثابرة نزلت لمواجهة معارك الحياة، متحدية كل العادات الروتينية، عازمة على النجاح، وعلى شق طريق في الحياة لنفسها ولعائلتها رغم كل الصعوبات. نسيت أنها امرأة وخلعت ثوب المرأة البسيطة، ربة البيت التي يقتصر دورها على المنزل فقط، لتلبس ثوب النضال والتضحية في سبيل… عزمت أسرتها على أن تكون أمة. أب وأم في نفس الوقت، ولتحقيق ذلك خاضت معارك الحياة بعد أن اكتفيت منها، لتقود قطار العائلة إلى بر الأمان.

السيدة هانم إحدى سيدات قنا مركز نجع حمادي، ربة منزل وأرملة تبلغ من العمر 60 عاماً، تروي لـ«البوابة نيوز» قصتها مع قيادة الميكروباص، قائلة: بدأت رحلتي مع قيادة الميكروباص بعد لقد سئمت وحل عليّ ظلام الحياة وقساوتها ولم أجد ملجأ. كنت ربة منزل، وكان كل دوري في الحياة هو طهي الطعام والمشاركة مع أطفالي في كل ما يطلبونه، وتوفير كل سبل الراحة والأمان لهم، متوكلة على الله ثم زوجي ثم دوري الذي كنت أعتمد عليه. حاولت جاهدة تنفيذها بالطريقة الصحيحة. وفجأة أجد نفسي على مفترق طرق، غير قادر على تلبية متطلبات عائلتي، وكذلك زوجي المريض الذي أصيب بمرض خطير.

وتابعت: كان علي أن أعمل لتوفير احتياجات المنزل وأسرتي وتوفير مصاريف علاج زوجي، فبحثت عن عمل ولم أجده، حتى قررت بيع السيارة التي يملكها زوجي. مملوكة، وفعلاً بعتها وبدأت مشروع شراء محل ملابس وبيع ملابس رياضية، لكن ذلك لم ينقذني من الغول. مصاريف المنزل لم تنتهي، وفي تلك الفترة فوجئت بالكارثة الكبرى وهي وفاة زوجي، وتراكمت على إثرها ديوني، وأصبحت في ظروف صعبة، أعاني من المصاريف الضاغطة، وفي نفس الوقت كانت هناك ديون على زوجي يجب أن أسددها، وزهقت حتى جاءتني فكرة بيع المحل وشراء ميكروباص ومواصلة. لقد دفعت ثمنها عن طريق الحصول على قرض من البنك، واقترضت المبلغ المتبقي من البنك لضمان الميكروباص والمنزل. وأضفت عليه أيضًا سعر محل الملابس الذي توقفت فيه عن بيع الملابس الرياضية.

وتابعت: قمت بقيادة الميكروباص لأن لي خبرة سابقة في قيادة السيارة المجنونة، ونتيجة لذلك قدت الميكروباص رغم أنه كان بإمكاني استئجار شخص لقيادة الميكروباص، إلا أنني رفضت حفاظًا على أموالي وأموال أطفالي، لذلك قدت السيارة، وواجهت العديد من الصعوبات الصعبة للغاية، وأصعبها أنني سيدة أقود ميكروباص. وبمقارنتها بالرجال الذين يقودون الميكروباصات، كانت صعوبة ذلك واضحة في كوني امرأة بين حشد من الرجال. إذ كنت بين الرفض والقبول، كان هناك من قبلني ودعمني وأثنى على ظروفي القاسية، وكان هناك من رفضني لأنني كنت امرأة ضعيفة غير قادرة على العمل في تلك المهنة، وبين القبول والقبول. الرفض، تكيفت مع مرور الوقت مع المهنة.

وأوضحت: أثناء تأقلمي، تغلبت على رفض البعض لي وموافقة الكثير من الناس على موقفي وظروفي. لقد ساعدوني وحملوا لي الركاب في موقف السيارات، ومع الوقت أصبحت مثلهم. الصعوبة الثانية كانت ساحة انتظار الركاب. فمنهم من يضحك ويكمل الطريق، ومنهم من يستغرب الركوب معي، ومنهم من يرفض الركوب معي لأني امرأة. ومنهم من يتعاطف معي، ومنهم من ينظر إلي بسخرية ويركب دون أن يدفع لي الأجرة. ولن أنسى أحدهم عندما سخر مني وقال: «هاه موديل جديد». وبين نظرات الدهشة والإعجاب والسخرية واصلت طريقي وتأقلمت مع الركاب، وكانوا يتجمعون للركوب معي لدرجة أن هناك من يسألني. بالاسم للسفر أو الذهاب إلى المستشفى. الصعوبة الثالثة هي أنني امرأة. أحيانًا كنت أنام في الطريق في الميكروباص بسبب صعوبة التنقل أثناء الليل، لكنني تغلبت على ذلك بثقة في الله والتزامي بحمل السلاح معي لحمايتي. ورغم هذه الصعوبات، واصلت مسيرتي لمدة عشر سنوات، بدأتها من أسوان، حتى مع الوقت تغير طريقي إلى نجع حمادي، وكنت أعمل من الساعة السادسة. في الصباح بعد صلاة الفجر حتى الثانية فجراً من نفس اليوم، وأحياناً يوماً كاملاً إذا كان هناك سفر.

وعن أغرب المواقف التي تعرضت لها تقول: مجموعة من السائقين رفضوا السماح لي بدوري في تحميل الركاب لدرجة أنهم أنزلوا جميع الركاب، ولكن مع السبب تمكنت من السيطرة على موقفي معهم، بالإضافة إلى بعض سائقي الميكروباص الذين يدعمونني، وفي أحد الأيام امتنع رجل كبير في السن عن ذلك تمامًا. لقد دفع الإيجار لأنني امرأة، لكنني عزمت على الذهاب إلى منزله وقررت اصطحاب أطفاله حتى يدفع الإيجار، ودفع لي الإيجار بعد أن هددته. وخيرته بين دفع الأجرة أو الذهاب إلى مركز الشرطة، لكنه أعطاني الأجرة لأنه مسافر. وعن أحلامها تقول: لدي أبناء، أحدهم يدرس في الجامعة في إحدى الكليات المتفوقة؛ بعضهم في كلية الطب والآخر في كلية الهندسة، وأحلم أن يكملوا دراستهم ويصبحوا بينهم أطباء ومهندسين، بالإضافة إلى ابنتي التي أستعد لها. أنصح كل من تعيقه الظروف أن لا يستسلم وأن عليه أن يكافح ولا ينظر إلى جنسه ويحقق النجاح لأن الحياة مستمرة ولا تتوقف عندما يواجه أحد صعوبة. فليكن مع الله مؤمناً به ومتوكلاً عليه. وأخيرًا، إذا وجد أن العادات أو التقاليد ستكسره، فعليه ألا يخضع لها. بل عليه أن يتخذها أساساً يبني عليه حياته. العادات والتقاليد قد تتغير، ولذلك عليك أن تتغير لما هو في مصلحتك.

للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .

مصدر المعلومات والصور: خليجيون 

 

زر الذهاب إلى الأعلى