هل تعد الزلزال انتقامًا وعقابًا من الله؟.. دار الإفتاء تجيب
وأكدت دار الإفتاء أن الزلازل التي تقع في بعض البلاد ليست دليلاً على غضب الله تعالى على أهل تلك البلاد لأنهم عصاة مذنبون، وقد يصيب الصالحين ما يصيب العاصين، والواجب على المؤمن عند وقوع الزلزال أن يدعو ربه عز وجل، وأن يكثر من الأعمال الصالحة.
الزلازل آية من آيات الله عز وجل
ومن المعلوم في ديننا الحنيف أن كل ما يحدث في هذا الكون بقدرة الله تعالى، يقول الله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَهُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ). [الأنعام: 73].
الزلازل تحدث في الكون: وهي عبارة عن هزات تحدث في قشرة الأرض في بعض المناطق.
وقد ورد ذكر الزلازل في القرآن الكريم، ومنها قوله تعالى: (إذا زلزلت الأرض بزلزالها)[final]”زلزال وأخرجت الأرض أثقالها.” [الزلزلة: 1- 2].
قال الإمام النسفي في “مدارك التنزيل وحق التأويل” (3/669) : [أي حركت زلزالها الشديد الذي ليس بعده زلزال… ﴿وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا﴾، أي: كنوزها وموتاها، جمع ثِقْلٍ: وهو متاع البيت، جعل ما في جوفها من الدفائن أثقالًا لها] أوه.
إنها آية من الله تعالى، لما يريده الله من عباده من خشيته والرجوع إليه بالدعاء والتوبة، فإذا صبر الإنسان الصالح على البلاء نال من الله تعالى الأجر والثواب على صبره على ما أصابه من أذى نتيجة هذه الزلازل، قال الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبُشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}[النور: 11]. [البقرة: 155- 157].
قال الإمام القشيري في “لطائف الإشارات” : [ابتلاهم بالنعمة ليظهر شكرهم، وابتلاهم بالمحنة ليظهر صبرهم، فلما أدخل المعلوم من حالهم في الوجود، ورسمهم بالرقم الذي قسمه، وأثبتهم على الوصف الذي علمه، ابتلاهم بالخوف وفيه تصفية لصدورهم، وبالجوع وفيه تنقية لأبدانهم، وبنقص من الأموال تزكو به نفوسهم، وبمصائب النفوس يعظم بها عند الله أجرهم، وبآفة الثمرات يتضاعف من الله خلفهم. ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾، يعني: الذين لا اعتراض لهم على تقديره فيما أمضاه… ﴿قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾: قابلوا الأمر بالصبر، لا بل بالشكر، لا بل بالفرح والفخر… ﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾، لما رحمهم في البداية اهتدوا في النهاية] أوه.
وأما العاصي فإذا أصابته مصيبة فقد تكون عقوبة له أو إنذاراً وترهيباً ليتوقف عن ارتكاب ما نهى الله عنه، قال الله تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخَوِيفاً}. [الإسراء: 59].
ما مدى صحة القول بأن الزلازل هي انتقام من الله؟
وأما ما يقوله بعض الناس: إن الزلازل التي تقع في بلد ما دليل على أن أهل هذا البلد معصونون مستحقون للعقاب، فهذا غير صحيح؛ لأن نصوص الشريعة الإسلامية تدل على أن البلاء قد يصيب الصالحين كما يصيب العاصين، ولكنه بالنسبة إلى الصالحين رحمة ورفعة، ويحصل لهم الأجر والجزاء من الكريم سبحانه وتعالى. وقد اعتبرت الشريعة الإسلامية أن من مات بسبب هذه الزلازل ونحوها فله أجر الشهادة الذي لا يضاهيه أجر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الشهداء خمسة: المطعون، وصاحب البطن، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله» متفق عليه.
واجب المؤمن عند وقوع الزلزال
وعلى المؤمن أن يتذكر قدرة الله تعالى عند وقوع الزلزال، وأن يتضرع إليه، وأن يكثر من الأعمال الصالحة، فقد روي عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (صدقة السر تطفئ غضب الرب، وفعل الخير يدفع السوء، وصلة الرحم تزيد في العمر، وتدفع الفقر). وأكثر من قول: (لا حول ولا قوة إلا بالله)، فإنها كنز من كنوز الجنة، وفيها شفاء من تسعة وتسعين داء أيسرها الهم). رواه الطبراني في “المعجم الأوسط”.
إن الزلازل التي تقع في بعض البلاد ليست دليلاً على غضب الله تعالى على أهل تلك البلاد بسبب عصيانهم وذنبهم، بل إن البلاء يصيب الصالحين والطالحين على حد سواء، والواجب على المؤمن عند وقوع الزلزال أن يتضرع إلى ربه تعالى، وأن يكثر من الأعمال الصالحة.
للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .
مصدر المعلومات والصور: youm7
اكتشاف المزيد من رأي الأمة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.