هل يعزز الذكاء الاصطناعي قدرة الأطباء على تشخيص سرطان المريء؟
كتبت/ زيزي عبد الغفار
يُستخدم الذكاء الاصطناعي في مجموعة واسعة من التطبيقات في الطب، إذ يمكن أن يعزز قدرة الأطباء على تشخيص بعض الأمراض.
الآن نجح العلماء في تطوير نظام ذكاء اصطناعي يمكنه تعزيز معدلات الكشف عن الآفات السرطانية والسرطانية السابقة للمريء، والتي يصعب على الأطباء في بعض الأحيان العثور عليها.
ويهدف النظام التجريبي الذي تم تطويره في الصين إلى استخدام تكنولوجيا جديدة في علاج أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بالسرطان والوفيات الناجمة عنه، وخاصة في آسيا، وفق ما نشره موقع ميديكال إكسبريس.
وفي حين ظلت معدلات الإصابة بسرطان المريء ومريء باريت، وهي حالة سرطانية سابقة، مستقرة في الولايات المتحدة، فقد ارتفعت معدلات الإصابة في الصين إلى مستويات عالية وأصبحت الأعلى في العالم. وتلي حالات الإصابة في الصين حالات الإصابة في الهند، التي تسجل أيضًا معدلات مرتفعة من الإصابة بهذا المرض الخبيث.
نظرًا لأن الآفات السرطانية وما قبل السرطانية في المريء قد يصعب اكتشافها، فإنها تشكل عقبات أمام العلاج السريع.
تم تصميم نظام التعلم العميق الجديد لتعزيز قدرة الأطباء على تحسين معدلات البقاء على قيد الحياة للمرضى المتضررين من خلال تحديد سرطانات المريء عالية الخطورة في مرحلة مبكرة وقابلة للعلاج.
في مقال نُشر في مجلة Science Translational Medicine، قال فريق من الأطباء والعلماء من مراكز أبحاث رئيسية في الصين إنهم طوروا واختبروا خوارزمية التعلم العميق التي تعزز بشكل كبير اكتشاف الآفات الخبيثة عالية الخطورة في المريء.
حتى الآن، اختبر الفريق نظام الذكاء الاصطناعي على المرضى في الصين فقط، لكنهم أكدوا أن خوارزميتهم لديها القدرة على إنقاذ الأرواح على مستوى العالم من خلال المساعدة في الكشف المبكر عن آفات المريء عالية الخطورة أثناء التنظير التشخيصي الروتيني.
التنظير الداخلي
يقول الدكتور شاو وي لي، المؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة، والباحث في قسم أمراض الجهاز الهضمي في مستشفى تايتشو، التابع لجامعة وينتشو الطبية في الصين: “التنظير الداخلي هو الوسيلة الأساسية للكشف عن سرطان الخلايا الحرشفية في المريء بدون أعراض والآفات السرطانية السابقة”.
وأضاف: “لا يزال تحسين معدل الكشف يمثل تحديًا كبيرًا. لقد قمنا بتطوير نظام يعتمد على الشبكات العصبية التلافيفية العميقة للكشف عن سرطان المريء والآفات السرطانية السابقة”.
تُعرف هذه الخوارزمية أيضًا باسم DCNN، وهي اختصار لـ deep convolutional neural network، وهي تحدد الأنماط الخاصة بالأمراض. تم تصميم الشبكة العصبية التلافيفية العميقة لتحديد الأنماط في صورة ثلاثية الأبعاد.
عند استخدامها كأداة تشخيصية، يمكنها نظريًا أن توفر للأطباء طريقة أكثر دقة لتحديد الآفات عالية الخطورة لدى المرضى الذين يخضعون للفحص. يمكن للأداة أيضًا اكتشاف الآفات التي قد تفلت من الكشف عند ملاحظتها من خلال التنظير الداخلي باستخدام العين البشرية وحدها.
قام فريق لي متعدد التخصصات من جميع أنحاء الصين بتصميم وبناء نظام الذكاء الاصطناعي للتعلم العميق، والذي أطلق عليه اسم ENDOANGEL-ELD. ويستخدم النظام مجموعات بيانات من أكثر من 190 ألف صورة للمريء تم جمعها من عدة عيادات في الصين. وبعد تطوير نظام التعلم العميق، أجرى الفريق في مستشفى تايتشو اختبارًا تجريبيًا في تجربة سريرية شملت مرضى يخضعون لتشخيص سرطان المريء المحتمل الخطورة.
اختبر لي وزملاؤه نظام الذكاء الاصطناعي في تشخيص 1556 مريضًا من مجموعة مكونة من 3117 مريضًا في مستشفى تايتشو في تشجيانغ، وهي مقاطعة ساحلية شرقية في جمهورية الصين الشعبية. خدم المرضى الـ 1561 المتبقون كمجموعة تحكم.
وبشكل عام، نجح نظام التعلم العميق في مضاعفة معدل اكتشاف الآفات عالية الخطورة مقارنة بمجموعة التحكم التي تم تشخيصها بالتنظير الداخلي التقليدي. كما أظهرت طريقة ENDOANGEL-ELD درجة عالية من التعرف على السرطان استنادًا إلى 190 ألف نمط مختلف من المرض تم إدخالها في نظام الذكاء الاصطناعي.
وأكد لي أن “النقطة النهائية الأساسية كانت معدل اكتشاف آفات المريء عالية الخطورة”.
وأضاف: “في مجموعة المرضى الذين خضعوا للعلاج، كان معدل اكتشاف آفات المريء عالية الخطورة أعلى بشكل ملحوظ في المجموعة التجريبية مقارنة بالمجموعة الضابطة”، مؤكدًا أن المزيد من السرطانات والآفات السرطانية السابقة تم اكتشافها في المجموعة التجريبية بفضل أداة الذكاء الاصطناعي.
وفقًا للبيانات الواردة في مجلة Science Translational Medicine، كان جميع المرضى البالغ عددهم 3117 مريضًا في الدراسة فوق سن الخمسين.
ومن المقرر إجراء جهد بحثي ثانٍ باستخدام أسلوب التعلم العميق والذي سيركز على المرضى الأصغر سنًا.
ويعد تحسين طريقة تشخيص سرطان المريء أمرا مهما بشكل خاص في الصين، حيث تمثل البؤر الإقليمية الساخنة للمرض بعضا من أعلى معدلات الإصابة بالأورام الخبيثة في العالم، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
عوامل الإصابة بسرطان المريء
وقد ارتبط التدخين واستهلاك الكحول بارتفاع معدلات الإصابة بسرطان المريء ومرض مريء باريت، بغض النظر عن مكان إقامة المريض في العالم. ومع ذلك، تعد الصين أكبر منتج ومستهلك لمنتجات التبغ في العالم. وتقدر منظمة الصحة العالمية أن هناك أكثر من 300 مليون مدخن في الصين، أي ما يقرب من ثلث إجمالي عدد المدخنين في العالم.
وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن 1 من كل 3 سجائر يتم تدخينها في العالم يتم تدخينها في الصين. وأكثر من نصف الرجال البالغين في البلاد مدخنون. وسرطان المريء أكثر شيوعًا بين الرجال منه بين النساء في البلاد. ورغم أن النساء في الصين أقل عرضة للتدخين، إلا أنهن ربما يتعرضن للآثار الصحية الضارة الناجمة عن التدخين الثانوي.
غالبًا ما يكون سرطان المريء بدون أعراض، وقد اعتمد الأطباء لفترة طويلة على التنظير الداخلي للكشف عن الأورام والآفات السرطانية. تكون معدلات البقاء على قيد الحياة لمدة خمس سنوات جيدة – أكثر من 90٪ – عندما يتم علاج الورم في مرحلة مبكرة بدون أعراض. تنخفض فوائد العلاج بشكل حاد بمجرد ظهور الأعراض، ومن هنا تأتي الحاجة الملحة إلى إيجاد طريقة أكثر دقة للكشف.
ووفقا للي وزملائه، فإن طريقة التعلم العميق التجريبية للفحص تمكن من التشخيص في الوقت المناسب والعلاج الأكثر فعالية لسرطان المريء في مرحلة مبكرة. ويعد هذا السرطان الحادي عشر الأكثر شيوعا في جميع أنحاء العالم، ولكنه السابع الأكثر شيوعا بين الرجال على مستوى العالم، وفقا لبيانات من صندوق أبحاث السرطان العالمي الدولي، ومقره في لندن.
واختتم لي حديثه قائلًا: “إن النظام المقترح حسّن معدل اكتشاف آفات المريء عالية الخطورة أثناء التنظير الداخلي، وكان آمنًا”. “قد تعمل مساعدة التعلم العميق على تعزيز التشخيص المبكر وعلاج سرطان المريء وقد تصبح أداة مفيدة لفحص سرطان المريء”.
للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي الرسالة وتويتر .
مصدر المعلومات والصور: خليجيون