"وول ستريت جورنال" تحذر من خطورة تجاوز أوكرانيا الخطوط الحمراء لروسيا النووية
حذرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، اليوم الأحد، من خطورة تجاوز أوكرانيا للخطوط الحمراء لروسيا التي تمتلك أسلحة نووية، بعد تدفق قوات أوكرانية إلى الأراضي الروسية منذ أسابيع دون رد حتى الآن.
وأوضحت الصحيفة -في مقال تحليلي- أن غزو أوكرانيا لمدينة كورسك الروسية يمثل المرة الأولى التي تواجه فيها قوة نووية معلنة غزوا واحتلالا من قبل دولة أخرى. وعلى مدى عقود من الزمن، افترضت نظرية التصعيد النووي أن الدول التي تمتلك أسلحة نووية محصنة إلى حد كبير ضد الهجوم، لأن المعتدي يخاطر بالتسبب في كارثة، تماما كما سعت دول صغيرة نسبيا بما في ذلك إسرائيل وإيران وكوريا الشمالية إلى امتلاك أسلحة نووية جزئيا لردع هجمات من قبل خصوم أكبر وأفضل تسليحًا.
وأضافت الصحيفة أن أوكرانيا ليست قوة نووية، وهي أقل تسليحاً من روسيا، ومع ذلك تمكنت كييف منذ أكثر من ثلاثة أسابيع من السيطرة على أراض تبلغ مساحتها الإجمالية الآن نحو 500 ميل مربع، وهو ما يمثل مفارقة غريبة، خاصة بالنسبة لتصور الاستراتيجيين على مر السنين أن دول حلف شمال الأطلسي هي التي ستستولي على الأراضي الروسية في قتال، وليس دولة ضعيفة محاصرة.
وتابعت الصحيفة أن القادة الغربيين والخبراء العسكريين والنوويين يتساءلون عما تعنيه الأحداث الحالية بالنسبة لآفاق التصعيد الروسي وألعاب الحرب المستقبلية، حيث يواجه التهديد النظري اختبارا حقيقيا، ما يفرض إعادة النظر في الدور الذي يمكن أن تلعبه الأسلحة النووية في الردع.
وأشارت الصحيفة إلى أن العقيدة النووية الروسية تنص على أن موسكو لن تلجأ إلى الأسلحة النووية إلا إذا تعرضت سيادة البلاد أو سلامة أراضيها للتهديد، ورغم أن أوكرانيا تحتل جزءا من الأراضي الروسية، إلا أن أيا من الجانبين لا يبدو أنه يعتبر منطقة كورسك ذات أهمية استراتيجية، وبالتالي فإن الهجوم الأوكراني، مهما كان محرجا للكرملين، لا يظهر أي علامة على تجاوز الخط الأحمر الروسي، لكن الغموض وعدم اليقين يشكلان جزءا لا يتجزأ من الألعاب النووية.
ونقلت الصحيفة عن نيكولاي سوكوف، المفاوض السابق في شؤون الأسلحة السوفييتية والروسية، قوله: “لا أحد يعرف حقا الخط الأحمر الروسي، ربما نكتشف لاحقا أننا عبرنا الخط الأحمر قبل شهرين”.
وأضاف سوكوف، الذي يطلع القادة العسكريين الغربيين الآن على التفكير الاستراتيجي الروسي، أن إحدى البطاقات الرابحة هي أن الكرملين والرئيس فلاديمير بوتن يبدو أنهما ينظران إلى التهديدات لنظامه باعتبارها تهديدات لسيادة روسيا. ومن خلال هذه العدسة، فإن المكاسب الأوكرانية الكبيرة أو الخسائر الروسية قد تؤدي إلى تصعيد نووي، ولو أنه من المرجح أن يبدأ باستخدام أكبر للأسلحة غير النووية.
لقد شكل هذا الخوف من تجاوز الخطوط الحمراء الروسية نهج الرئيس الأمريكي جو بايدن تجاه الحرب، ولأنه لا يريد أن تتحول إلى معركة مباشرة مع حلف شمال الأطلسي، فقد تردد في إعطاء أوكرانيا الأسلحة التي توسلت للحصول عليها، بما في ذلك الدبابات والصواريخ المتقدمة والطائرات المقاتلة. وفي النهاية، حصلت كييف على معظمها، مما دفع الأوكرانيين وأنصارهم الغربيين إلى القول بأن الخطوط الحمراء التي وضعها بوتن كانت مرنة.
ورأت الصحيفة أن هدف أوكرانيا من غزوها لكورسك كان إظهار إمكانية كسر محرم آخر دون عواقب وخيمة، وكان جزء من الهدف إقناع البيت الأبيض بأنه ينبغي السماح لأوكرانيا باستخدام أسلحة أميركية أكثر فتكاً ودقة لمهاجمة روسيا. ومع ذلك، يظل العديد من المسؤولين الغربيين، وخاصة في واشنطن وبرلين، أكثر حذراً لأن بوتن لا يمكن التنبؤ بتصرفاته.
وأشارت الصحيفة إلى أن عدم اليقين بشأن الخطوط الحمراء لروسيا هو “التحدي الأساسي للغموض الاستراتيجي”، كما قالت جانيس جروس شتاين، أستاذة إدارة الصراعات في جامعة تورنتو.
وبحسب الصحيفة فإن التلاعب بالأحداث التي أشعلها هجوم أوكرانيا على كورسك يعود إلى الحرب الباردة، عندما كانت نظرية التصعيد من التخصصات التي تمت دراستها على نطاق واسع. وعندما طور السوفييت القنبلة الذرية في عام 1949، بعد أربع سنوات من قيام الولايات المتحدة بذلك، حاولوا أن يتخيلوا كيف يمكن أن تظهر الأسلحة المرعبة في القتال.
لقد أدت القوة التدميرية الهائلة التي تتمتع بها الأسلحة النووية الحرارية والتهديد الأعظم الذي تشكله منذ عام 1952 إلى ظهور مجال جديد من التفكير، وهو الردع النووي، والأدوات التحليلية لدعمه. ومع ذلك، فإن تطوير استراتيجية نووية وتحديد الخطوط الحمراء للعدو يظل لعبة عالية المخاطر يقول الخبراء إنها أشبه بالسير في الظلام نحو الهاوية.
واختتمت الصحيفة مقالها بالإشارة إلى أن الرئيس الروسي هدد بشكل مباشر أو غير مباشر باستخدام الأسلحة النووية في عدة مناسبات منذ شن غزوه الشامل لأوكرانيا في عام 2022.
للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .