ياسين التهامي.. حالة روحانية فريدة جمعت المحبين من كل الفئات

عندما يتم الإعلان عن موعد أي حفل للشيخ ياسين التهامي في مناسبات مختلفة وفي أماكن مختلفة، يسارع الجمهور لحجز تذاكر الحفل، وقبل ساعات من موعده نجد إقبالاً كبيراً من مختلف الفئات التي تحرص على دخول الحفل والاستمتاع بالحالة الروحانية التي تحدثها دعاء الشيخ، كما حدث في حفله الأخير الذي أقيم أمس في مهرجان القلعة للموسيقى والغناء، وتهافت الجمهور من مختلف محافظات مصر والوطن العربي لحضور الحفل، وتفاعلهم وتكاملهم مع كل ما يقدمه على المسرح مع فرقته الموسيقية.

لا يعد ياسين التهامي أحد أهم المطربين الذين أنجبتهم مصر فحسب، بل إنه مؤسس مدرسة غنائية احتلت المركز الأول لعقود من الزمان، بعدما استطاع في سبعينيات القرن الماضي ـ رغم وجود عمالقة في هذا المجال آنذاك، مثل أستاذه “أحمد التوني” الذي نشأ هو الآخر في قرية الحواتكة بمركز منفلوط بمحافظة أسيوط، مسقط رأس “التهامي” ـ أن يصنع لنفسه مكاناً مختلفاً وأعمالاً مميزة عما قدمه أستاذه.

ويمكن القول أن نجاح الشيخ ياسين التهامي واستمراره في التواجد على القمة لسنوات طويلة حتى الآن، نابع من إتقانه للمدح الديني واختيار الشعر الصوفي الذي له أتباع كثر في مختلف أنحاء العالم، واتخاذه من التراث والشعر العربي الكلاسيكي منهجاً ونقل شعر كبار الصوفية كالحلاج ورابعة العدوية وابن الفارض والسهروردي وغيرهم بحرارة صوته إلى جمهوره، وأيضاً عندما يقدم أعماله على المسرح فهي بالأساس من داخله.

ورغم أنه لم يدرس في المعاهد الموسيقية المتخصصة، إلا أن حبه وذوقه الفطري للموسيقى وأوزانها المختلفة منذ صغره جعله يتقن ما يفعله، واستطاع بسهولة الارتقاء بالذوق الصوفي والأعمال الصوفية، والتنقل بسهولة بين الأوزان الموسيقية المختلفة، وساهم في نشر الفن الصوفي لدى شريحة كبيرة من الجمهور من المثقفين والبسطاء وجميع شرائح المجتمع.

يربطه كثيرون بأم كلثوم من حيث قوة صوته وأدائه، إلا أن علاقتهما لم تقتصر على التشابه الكبير بينهما من حيث تفرد كل منهما بما قدمه، وتكوين حالة موسيقية وغنائية وذوق خاص به لا يشبه أحداً آخر، إلا أن الاستماع إلى أغاني أم كلثوم وموسيقاها في طفولته كان من أهم المراحل التي مر بها سلطان المغنيين، واعتبرها «وجبة روحية» استفاد منها في شبابه ومنطقة محرمة لا ينبغي الاقتراب منها، كما وصفها في إحدى مقابلاته القديمة.