تقارير

أم شيماء توفى زوجها وولدها الوحيد وربت 4 بنات بالحلال

القاهرة: «رأي الأمة»

ولم تعد الحياة إلى طبيعتها منذ ذلك الحين. تلاشت الألوان، وانطفأت الروح والأضواء، وأصبح ضوء الشمس بعيدًا، وتصدعت جدران المنزل حزنًا وندمًا، وأصبح كل شيء غريبًا عما عرفناه، وتغير طعم الأشياء، ولم تعد الكلمات مفيدة. في وصف الألم الذي تعانيه النفوس، فقد ذهب. وكان نور البيت يسطع في غمضة عين. ولم نأخذ هذه اللحظة بعين الاعتبار، فهي التعويض والدعم والأحلام التي تتطلع إليها النفوس بعد وفاة والده قبل أشهر قليلة فقط. بهذه الكلمات بدأت الأم المثالية السيدة منى الشحات حديثها عن فقدان ابنها الوحيد “محمد”. إثر تعرضه لحادث مفاجئ عندما كان في السابعة عشرة من عمره، كان وسيمًا وخفيف الظل، وكان لديه العشرات من الأصدقاء والمحبين الذين يتجمعون حوله باستمرار. ووصفوه بأخلاقه الحميدة ووصفوه بالأجمل. وكان شهماً وشهماً، وكانت أفعاله سبقت رحلة حياته القصيرة بسنوات وسنوات.

وأضافت أنها تأتي لزيارة ابنها كل أسبوع ولم ولن تتوقف عن زيارته مهما كانت الظروف، وأنها في أغلب زياراتها تجد أصدقاءه يزورونه بانتظام منذ خمس سنوات ويقومون بزراعة الورود. والصبار وتنظيف محيط قبره. وفي ليلة وفاته، تقول إنه ظل في سريره منذ ما يقرب من 10 سنوات. أيام بسبب كسر في ساقه في مباراة ودية لكرة القدم لعبها مع رفاقه، لكن القدر استدعاه في ذلك اليوم، فنزع الجبس من “سكينة” واتصل بزملائه وطلب منهم الخروج لأنه سئم وطعم انتهى من الجلوس في المنزل، ومرَّ بزملائه في الملعب وتبادل معهم السلام وانطلق مع رفيقيه. كان برفقته عكازه لعدم قدرته على المشي بشكل طبيعي، ثم عاد سريعا إلى المنزل قبل عودة والدته من العمل لأنها رفضت بشكل قاطع السماح له بالخروج وهو مصاب ولأنها شعرت أن هناك شيئا سيئا يتربص به في طريقه، لكن القدر فاجأه واصطدمت سيارة مسرعة فجأة بالـ«توكتوك» الذي كان يستقله هو ورفاقه. ونجا السائق وزملاؤه، وكان هو المتوفى الوحيد الذي وافته المنية خلال ساعات قليلة. اخترقت الأسياخ الحديدية صدره وغرق الرصيف في دمائه. ونقلوه بسرعة إلى المستشفى. وفور علمي بالحادث، أسرعت إلى هناك ورأيت الدماء تملأ الرصيف في طريقي إلى المستشفى. فقلت لهم: “أنا شميدت”. «رائحة دم محمد في الطريق». وحالما رأيته في المستشفى، فارقت روحه دون سابق إنذار. أما الأيام القليلة التي سبقت وفاته، فقالت والدته إنه حلق شعره “صفر”. فاندهشت وقالت: هذا شعرك أغلى شيء لديك. كيف حلقته؟” أجاب بتلعثم شديد. لقد عرفوا أنه ظل لعدة أيام يواجه صعوبة في النطق، وصعوبة في النطق. وودع بناته الأربع في ذلك اليوم ثم ذهب إلى موته المحتوم.

وقالت “أم شيماء” إن الله أمدها بالقوة والصبر لأنها وجدت نفسها، خلال أقل من عام، مسؤولة بشكل كامل عن رعاية أربع فتيات، أكبرهن في المرحلة الثانوية، وأصغرهن لم تبلغ بعد. أكملت المرحلة الابتدائية، وأنها تعمل في أحد المراكز الطبية منذ ما يقرب من 12 عامًا، واستجمعت قواها بالصبر والعزيمة وإرادة الله في تلبية احتياجات الأسرة التي أصبحت بلا أب أو أخ في بضعة أشهر قائلاً: “لم يكن لي نصيب كبير في التعليم، فكان هدفي الأكبر هو تعليم أطفالي وإلحاقهم بالجامعة والالتحاق بالوظائف”. وكان العبء ثقيلا على والدهم. فعملت في تجارة الملابس والسلع وافتتحت أكثر من مشروع تجاري داخل المنزل لأساهم في تلبية احتياجات ومستلزمات أطفالي الخمسة دون توقف. وازداد العبء بشكل كبير بعد وفاة والدهما، فساهمت شيماء الابنة الكبرى، التي تعمل معلمة للغة الإنجليزية، إلى حد ما في مصاريف المنزل قبل زواجها، كما فعلت آية. تعمل في مجال التمريض وجهزت نفسها بعدة أساسيات قبل زواجها منذ عامين. أما طاقة ورقية فلم تكملا دراستهما بعد، لكنهما تسعيان بكل جهد وإخلاص لإدخال البهجة على قلب والدتهما، مضيفة أن شباب قريتها لا يزالون يسألون عنها ويزورون قبر ابنها ويضعون الورود فيه. أمامه قائلة: أرى محمد بينهم ومحمد ابن شيماء ابنتي»، مشيرة إلى أن حفيدها الأكبر يشبه ابنها الوحيد إلى حد كبير وأنها تحبه وتعتني به وتشبثت بالحياة بعد وصوله. داعية الله أن يلهم بناتها الصبر والسلوان في فقدان سندهن الوحيد بعد الله، وأن يزيل الله العقبات عن طريقهن ويوفقهن. أسريًا واجتماعيًا وأكاديميًا طوال بقية حياتهم.

للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .

مصدر المعلومات والصور: خليجيون 

 

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من رأي الأمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading