وسائل الاعلام

حج الموعودين وأرواح المشتاقين – الأسبوع

القاهرة: رأي الأمة

تداولت وسائل الاعلام اليوم خبر بعنوان: حج الموعودين وأرواح المشتاقين – الأسبوع، وتستعرض رأي الأمة مع حضراتكم محتوي الخبر.

ها أنت يا الله، ها أنت كأنها نبضات الشوق الخارجة من الأعماق الممزوجة بالأمل والتواضع والشكر والثناء لصاحب الملكوت. هنا ليس لديك شريك. فها أنت ذا، و لك الحمد و البركات، و لك الملك لا شريك لك..

إنه اليوم الذي يكسو فيه الجبل بياضًا يغشى أجساد من جاءوا أشعثًا مغبرًا من كل وادٍ عميق، وتركوا الدنيا وراء ظهورهم، ورفعوا مظالم الناس، وتابوا نصوحًا من كل ذنب، وجاءوا لك وحدك سبحانك لا شك في ربوبيتك ولا نفاق في الخلق. بلا أمل في أحد غيرك، بلا ولد ولا حبيب، ولا واسطة ولا شفيع، أنت الوحيد الذي أرادوه، المطيع لطاعة العبد الذي يفعل كل ما طلبه منه سيده دون أن يسأل عن المعنى و نية. وذلك كمال عبوديته، وكمال استسلامه، لا فحشاً ولا فجوراً ولا جدالاً، فالكل مشغول بعبادتك. سبحانك جاؤوا يا رب فرادى مثقلين بالذنوب، وعلى يقين بأنهم سيعودون طاهرين مطهرين، كما ولدتهم أمهاتهم على طبيعة الإسلام، ذلك الدين الحق. إنه حقاً يقين من يأتيه رب كريم، أو حتى أكرم الأكرمين.

ولباس إحرامهم كالأكفان البيضاء، يتساوى فيها الغني والفقير، كما هو حال الدنيا وواقعها. مخلوقات الله متساوية أمامه. ولا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى. القلوب خالية من التعلق بغيرك. فأجابوا النداء: وأعلن في الناس الحج. يأتونك رجالاً، وعلى كل هزيل يأتي منك». لا “فجوة عميقة”. هنا البيت العتيق، والصفا والمروة، وجبل عرفات، وهنا منى ومزدلفة، وهنا رمي الجمرات، ولكل مكان شعيرة وقصة. أطعوا، واسجدوا، واقتربوا، وطوفوا، وادعوا، ولن تحرموا من جمال زيارة مدينة رسول الله.

فذلك جزاء حجك المقبول، وهو راحة النفس، ولذة القرب من الحبيب صلى الله عليه وسلم.

أما بيتك يا رب فله النور والجمال والجلال والإجلال. يا جمال النظرة الأولى، لحظة تستولى فيها أضواء كعبتك على قلوب من أتوا إليك مجيبين، نظرة الأجر وبداية رحلة الحج التي تحملوا من أجلها مشقة فراقهم. الأهل والبعد عن وطنهم، لحظة يطفئون فيها الشوق، ويغطون أنفسهم بالنور، ويذرفون الدموع. الحنين ويروي بعض عطش القلب بطواف الوصول، يطوفون مثل ملائكتك الكرام، يسبحونك ويعظمونك ويصفقون لك ويدعون لك، آملين صادقين مخلصين شاكرين لدعوتك إلى بيتك وحرمك.

وأما الذين حبستهم العوائق، وتعلقت قلوبهم بها، فلا يمنعهم الشوق، وحالهم النفسية: يا رب، القلوب محكومة بالأجساد، والأجساد في أرض غير الأرض، فلا تحرموا المشتاقين شيئاً من كثرة الأنوار، نعم، وحقاً، إن الأمر مؤلم لأمثال هؤلاء، على قدر بعد أجسادهم. في أرض الله الواسعة تشتاق لعظمة ظهور أنوار نزولك إلى السماء الدنيا في خير أيام الأرض يوم عرفة… خير خير الأيام، ولماذا لا، وقد أقسمت يا رب بالفجر وليلة عشر، ويوم عرفة هو التاسع من العشر الأول من ذي الحجة وهو أفضلها. ويليه اليوم العاشر، وهو أول أيام عيد الأضحى المبارك، والأيام العشرة التي قال فيها الحبيب المصطفى: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام) ). قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: (ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء).

البعيدون يتألمون، لكن ليس كل من هو بعيد يكون بعيدًا. ويأتي العطاء بنسبة الحب واليقين، وقد يغلف المكان الشوق من فيض الحب، وتحلق النفوس، وللروح عيون، وللقلب لسان، يرفع به التلبية: ها أنت يا يا يا الله، هنا أنت، هنا في الطاعة والمحبة، هنا أنت في الشوق إلى القرب. بيتك بأمرك يا رب أردت أن أكون ضيفك فلا تحرم عبدك. أنا في حاجة إليك يا ربي. وأشتاق أن أكون ممن قال المصطفى: الحجاج والعمار وفد الله. إذا دعوه استجاب لهم، وإذا استغفروه غفر لهم». أنا طويل أن أكون ضيفك. كل ضيف في أحد بيوتكم مكرم، فما بال الضيف في حرمكم، عند كعبتكم، ومن لا يشتاق أن يمس “ياقوتة الجنة” الحجر الأسود ليشهد له يوم القيامة، أنتم يشتاق لمس الركن والمقام لتتساقط الذنوب وتمحى الذنوب، مشتاقاً لدعوة من أعماق القلب بين الركن اليماني والحجر الأسود: “ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الدنيا حسنة” الآخرة وقنا عذاب النار.”

تطوف أرواح العاشقين على حمام الحمى، تطوف دار جلالتكم بأجنحة الشوق والأمل، تبتهج بأسراب الحمام التي لا تكل ولا تكل في حلق عبادتها في سماء يعلوها البيت المسكون، تمجد تسابيحها. ولم يعلمهم مخلوق سر الطواف، فإن السر معروف في قلوب الطير، هذه هي التي تطوف. وفوقه البيت العتيق الذي تشتاق إليه القلوب في الوطن الأمين، وأحب البلاد إلى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، واتجاه صلاة المسلمين في جميع بقاع الأرض.

وفي السعي هنا كانت أمنا هاجر، والطفل إسماعيل عليه السلام. تبدأ المسعى بخفة، ثم تثقل أقدامك، وكأنك تكرر تجربة إنسانية فريدة. وترجو شربة ماء في أرض قاحلة بين جبل الصفا والمروة. لفاتك السبع هي نفس لفاتها، ومشقتك لا تضاهى. كان تحت شمس حارقة، على الحصى والرمل، تجري، والآن أنت في نعيم وظل، لكن رغم كل هذا تشعر بتلك المشقة، كان جزاؤها انفجار بئر زمزم تحت قدمي النبي صلى الله عليه وسلم. ماء الله إسماعيل عليه السلام الذي تشرب منه الأمة منذ آلاف السنين. شفاء ورواية وذكر واد غير ذي زرع انفجر فيه بئر، فأحن الله إليه قلوب الخلق ورزق أهله من الثمرات.

الحج عرفة، ومن لا يشتاق إلى الجبل الذي وقف فيه نبينا! وألقى خطبة الوداع لأصحابه رضي الله عنهم، وأعلن إتمام الدين والبركة علينا بقول رب العزة سبحانه: “اليوم أكملت لكم دينكم” وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا». وهو اليوم المشهود في قوله تعالى: “واشهدوا واشهدوا” عن أبي هريرة رضي الله عنه. وعنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اليوم الموعود يوم القيامة، واليوم المشهود يوم عرفة، والشاهد يوم الجمعة». وفي ذلك اليوم العظيم تجمع العبادات، كالصيام، والصلاة، والحج، والصدقة، والدعاء، وتلاوة القرآن. وأما من لم يحج فصيامه، وصيامه لمن امتنع عنه. الحج يكفر السنة الماضية والسنة القادمة.

وهو الحج الذي بدأت أيامه، وهو ركن من أركان الإسلام لمن استطاع إليه سبيلاً، وهو جبل عرفة الذي لا يتم الحج إلا بالوقوف عليه في يوم الحج الأكبر. وهناك ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا، فيتفاخر بالحجاج الملائكيين، ومن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. واعترف بأنه قال: «هؤلاء عبادي جاءوني شعثا شعثا، يرجون رحمتي ومغفرتي. لو كانت ذنوبك كثيرة مثل عدد الرمل، وعدد القطر، وعدد زبد البحر، لغفرتها. أنفقوا يا عبادي غفر لكم ولمن تشفعون».

أما راحة القلوب فتأتي في تلك الزيارة التي قد تكون قبل الحج أو بعده لمسجد رسول الله بالمدينة المنورة، والذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام»، وقال: «لا تسافروا إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، ومسجدي هذا». المسجد الأقصى.”

الزيارة هي استكمال رحلة العمر، ومن زار علم، ومن رأى ليس كمن سمع. أنوارك يا حبيب الله تغمر مسجدك. السلام عليك وعلى جيرانك صاحبيك أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما وأرضاهما. السلام على مدينة الأنوار التي فتحت لك ذراعيها، لتنير رسالتك العالم. السلام على أهلها الذين مسهم نورك ووجودك فازدادوا في التسامح والجمال. ركعتان في مسجد قباء وزيارة أهل البقيع وشهداء أحد. سلام وسلام ودعوة صادقة في الأيام المباركة: لا يحرم الله من طال.

مصدر المعلومات والصور: الاسبوع https://www.elaosboa.com/1636787/

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من رأي الأمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading