مصر

وكيل الأزهر: الدعوة إلى الله لا بد أن ترتكن إلى علم وحكمة وموعظة حسنة

القاهرة: «رأي الأمة»

قال الدكتور محمد الدويني وكيل الأزهر، إن الأزهر الشريف كان منذ أكثر من ألف عام منارة للعلم ومقصدًا لطلابه من جميع أنحاء العالم. وهي قلعة العلم الوسطي المعتدل الذي لا يعرف إفراطاً ولا إفراطاً. ولعل أهم ما يميز المنهج الأزهري هو التزامه بالمنهج المستقيم في فهم القرآن والسنة. إنها لا تبالغ في الهويات، ولا تعرض نفسها للثوابت، وفي الوقت نفسه تضمن استجابتها للاحتياجات المتغيرة للعصر.

وأشار وكيل الأزهر خلال لقائه بطلبة معهد كونتور دار السلام، إلى أنه إذا كان البعض قد أخرج مفهوم “اعتدال الأمة” عن معناه الحقيقي، وخلطه بالتمييع والرعونة، وجعل الاعتدال مرادفا للأهواء، فمن واجب العلماء بيان الحق حتى لا يختلط الحق بالباطل، مبينا أن الاعتدال الذي يعبر عن حقيقة الإسلام هو الذي تنعكس فيه النظرة إلى الإنسان وإلى الباطل. الحياة متوازنة. فليس الإنسان إلهاً غير الله، ولا تسبق رغباته على الوحي. بل الاعتدال هو أن يدرك الإنسان أنه عبد الله الأمين، المطيع لأمره، الجاهلي عما نهى عنه. وكذلك الاعتدال له في الخروج. ويكون الإنسان من التعصب الطائفي الضيق، ولكن دون الدخول في اللاطائفية المفرطة. كما أن الاعتدال هو أن يقرأ المسلم العالم من حوله وما فيه، ويستفيد من إنجازاته، ولكن دون إنكار هويته وثوابته.

وتابع ممثل الأزهر أن الاعتدال هو ما يجمع بين نور الوحي وبصيرة العقل، فلا يقدم العقل على الوحي، وفي نفس الوقت لا يمنع العقل من ممارسة وظيفته. فالاعتدال يجمع بين نقيضين لا يطغى أحدهما على الآخر. فهو يجمع بين الروحي والمادي والواقعية. والمثالية، وبين الثابت والمتغير، وبين النص والنظرية، وكل ذلك دون إفراط أو تفريط أو مبالغة أو تقصير.

وأوضح ممثل الأزهر أن الإنسانية عندما ذهبت إلى التطرف في الاتجاه الروحي، قوبلت بإفراط في الاتجاه المادي، وكلاهما مذموم في حد ذاته، وعندما ذهبت إلى التطرف في الاتجاه المثالي فقد قوبلوا بالإسراف والمبالغة في الاتجاه الواقعي، وكلاهما مذموم في حد ذاته، والحل في هذه الأزمات هو؛ وسواء كان ذلك أخلاقياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً أو غير ذلك، فيجب علينا أن نفهم الاعتدال ونعمل على ضمان وجوده في حياتنا. ومن اعتدال الإسلام في العقيدة أن لا نستسلم للملحدين الذين ينكرون وجود رب العالمين تماما، ويرون في الوجود أرحاما تنزاح وترابا تبتلع. ونحيا ولا يهلكنا إلا الزمن، وليس لهم بذلك علم. إنهم يفترضون فقط. وكذلك لا نخضع لمن يعبد كل شيء وأي شيء.

وأضاف الدكتور الدويني أن اعتدال الإسلام في جانب العلاقة مع الحياة هو أنه يضع المسلم بين المادية المحضة التي تعمق في الإنسان شهواته ورغباته المادية كالطعام والشراب والملبس والشهوة، ويرى أن ذلك الهدف الأعظم، وبين الروحانية الخالصة، التي تبتعد عن الحياة وزينةها التي أباح الله لعباده، وبين الاعتدال. الإسلام من حيث التشريع لا يسمح للناس أن يشرعوا لأنفسهم ما يريدون، وإذا اتبعوا أهواءهم لن تستقيم حياتهم. وفي الوقت نفسه لا يقيدهم بقانون ثابتة أحكامه بتغير الزمان، وتغير المكان، وتغير أحوال الإنسان. بل أسست مبادئ حاكمة وقواعد حاكمة، وتركت للإنسان حرية النظر وممارسة حكمه.

وأكد أن حياة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم علم أنها ترجمة حقيقية لوسطية الإسلام، وانظر كيف قال لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما معه: «ألم أقل لك أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟» فقال عبد الله: نعم يا رسول الله. قال: فلا تفعل. صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقاً، ولعينك عليك حقاً، وإن لزوجك عليك حقاً». أليس هذا هو المنهج الوسطي الذي يحقق العدالة في استيفاء الحقوق القانونية والواجبات الأسرية والمجتمعية؟! والأمثلة في حياة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرة، وأنا أعول على السادة المعلمين الثقات، يجب أن يقوموا بواجب توضيحها وشرحها، وتطبيق معالمها. في حياة أبنائنا الذين هم مستقبل الأمة.

واختتم وكيل الأزهر كلمته بتوجيه خمس وصايا لطلبة العلم. الوصية الأولى أن تحرص على طلب العلم الإسلامي، وأن تتصور أنك من الطائفة الثابتة بالحق التي تحفظ علم الأمة وتراثها، فلا تبخل بوقتك ولا بمالك في طلب العلم، والله لقد منحكم منزلة رفيعة، قال. وقال سبحانه وتعالى: «يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله خبير بما تعملون». وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الفقه في الدين من علامات الخير. وقال صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين». وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن العلم يرفع في الدين. آخر الزمان بموت أهله، فقال: «إن الله لا يأخذ العلم انتزاعاً من الناس، ولكن يأخذ العلم أخذ العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فيسألون فيفتون بغير علم فيضلون ويضلون». في هذه الحالة، سيتم تعلم وتعليم المعرفة. ألزم وأؤكد.

الوصية الثانية: الدعوة إلى الله – عز وجل – قال الله تعالى: “قُلْ هَذَا سَبِيلِي”. أدعو إلى الله على بصيرة. أنا ومن يتبعني. وسبحان الله وما أنا من المشركين. وقال الله تعالى: «ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إني من المسلمين». ولكن الدعوة يجب أن تكون مبنية على تحرير العلم، فمهمة التبليغ والتوضيح والدعوة لا بد أن تنطوي على الحكمة والموعظة الحسنة، كما قال الله تعالى: “ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم لهم بالطريقة الأفضل. إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله، وهو أعلم. بالمهتدين}، وهنا يجب أن نفهم أن الدعوة إلى الله كما هي في الكلمة لا بد أن تكون في الحال، فيكون الداعي قدوة للآخرين.

الوصية الثالثة: حفظ الوقت والحياة، وهذا هو رأس مال الإنسان الحقيقي. وقد أوصانا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً: “اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك”. ، فراغك قبل عملك، وحياتك قبل وفاتك”، لكن الملاحظ أن بعض الشباب يضيعون حياتهم هباءً. فلا يستفيدون علمًا، ولا ينالون طاعة، ولا يتواصلون مع الأهل. بل يضيعونها على وسائل الاتصال التي شغلت عقولنا وأضاعت أوقاتنا. قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزول قدم عبد يوم القيامة. فيسأل عن عمره، في ماذا أفناه، وفي ماذا فعل، وفي ماذا أفناه، وفي ماذا أفنى جسده؟

الوصية الرابعة: حسن الأخلاق. نحن أمة الأخلاق، وقد بعث نبينا صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارم الأخلاق. إن أخلاق أمة الإسلام حجة في حد ذاتها ضد الإنسانية التي فقدت بوصلتها الأخلاقية. أخلاقنا إلهية في المصدر وقائمة على الإيمان في الاتجاه. قال الله تعالى: “وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن” ويتبدد الشيطان بينهم. إن الشيطان للإنسان عدو مبين. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خيركم لأهله».

الوصية الخامسة: الثبات على هذا الدين بما يدعو إليه من قيم وأخلاق وعبادات. قال الله تعالى: (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) أي الموت. وقد وردت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تبين أن من تمسك بدينه في آخر الزمان وثبت عليه فله مثل أجر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. صلى الله عليه وسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: «إن من خلفكم أيامًا من الصبر. والصبر فيها مثل القبض على الجمر، وللعامل فيه أجر خمسين. قالوا يا رسول الله: أجر خمسين منهم أو خمسين منا؟ قال: منكم خمسون. ولا شك أن المسلم في هذه الأوقات يتعرض لمغريات الشهوات والشكوك واللذات العظيمة، ولكن من يستعين بالله يعينه الله، ومن يصبر يصبره الله. وقال تعالى: “والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين”.

للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .

مصدر المعلومات والصور: youm7

 

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من رأي الأمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading