مصر

ماليزيا والأزهر .. أكثر من 100 ألف خريج منذ الاستقلال و6500 طالب يدرسون بمختلف المراحل

القاهرة: «رأي الأمة»

إن الأزهر الشريف الذي تجاوز عمره 180 عاماً هو أبرز قوى مصر الناعمة، وكثيرون في العالم الإسلامي يعرفون مصر بالأزهر، وهذا ليس من قبيل المبالغة، بل إن الواقع المرصود يكشف أن الأزهر لم يقتصر على كونه قلعة علمية وثقافية تصدر المنهج الوسطي المستنير للعالم الإسلامي، بل سعى إلى توطيد علاقاته مع كل الدول الإسلامية لدعم وحدة الأمة وتماسكها، واستقلال عالمنا الإسلامي باستقلال كل جزء منه، وبث روح التضامن بين كل أجزاء الجسد الإسلامي.

لقد كان الطلبة الوافدون للدراسة بالأزهر وطلبة المنح الدراسية بالأزهر عاملاً مهماً في تعزيز علاقة الأزهر بدول العالم الإسلامي، ولذلك حرص الأزهر على فتح أبوابه لكل الراغبين في تلقي العلم من مختلف دول العالم، وذلك بتخصيص منح دراسية مدعومة بالكامل، وزيادتها دورياً لاستيعاب كل القلوب الملتصقة بمنارات المسجد الحرام، وعقول علمائه الساعين إلى نشر الصورة الصحيحة للإسلام، وتعليم العلوم الدينية والدنيوية.

ويحظى الأزهر الشريف بمكانة مرموقة في القارة الآسيوية، وخاصة بين شعوب جنوب شرق القارة، وأبرزها إندونيسيا وماليزيا. ويحتفظ الأزهر بعلاقات تاريخية وثيقة مع ماليزيا، حيث حرص الماليزيون على إرسال أبنائهم للدراسة في الجامع الأزهر، وأنشأوا قاعة خاصة بهم أطلقوا عليها قاعة الجاويين أو القاعة الجاوية، والتي بدأت بعشرات الطلاب من ماليزيا وإندونيسيا والفلبين، حتى تجاوز عدد الطلاب الماليزيين آلاف الطلاب والطالبات في الوقت الحاضر.

وقد دعم الأزهر استقلال ماليزيا عن الاحتلال البريطاني عام 1957، وبعد الاستقلال قام خريجو الأزهر في ماليزيا ومعهم مبعوثو الأزهر بمهمة نشر العلوم الإسلامية، وأنشأ عدد من خريجي الأزهر في ماليزيا معاهد دينية لتعليم المسلمين العلوم الدينية، كما حرصت ماليزيا على تنسيق الجهود والقضايا ذات الطابع الديني مع الأزهر باعتباره أكبر سلطة إسلامية، وبادر الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق بزيارة ماليزيا عام 1962، وأعلن وقتها ترحيب الأزهر بمبادرة “صندوق الحج” التي أطلقتها ماليزيا، وهي إنشاء صندوق استثماري خاص بالحج يضمن جمع الأموال من الماليزيين الراغبين في أداء فريضة الحج واستثمارها في مشاريع مربحة تتوافق مع الشريعة الإسلامية بهدف زيادة رأس مال الصندوق وتنظيم الوفود بما يتيح للجميع أداء فريضة الحج، وقد وافق الدكتور شلتوت على المبادرة التي نالت ثقة كبيرة بين الماليزيين.

ولقد لعب علماء الأزهر وأساتذته وخريجوه دوراً محورياً في إنشاء أقسام وبرامج العلوم الإسلامية في جامعة مالايا في أواخر الستينيات والجامعة الوطنية الماليزية في أوائل السبعينيات، حيث حرصت الجامعتان على إرسال العديد من طلابهما وباحثيهما إلى الأزهر للاستفادة من مصادره العلمية الأصيلة والعودة إلى ماليزيا محملين بثروة من المعرفة والعلوم، ليصبحوا فيما بعد قادة ورواد العلوم الإسلامية في ماليزيا.

ومنذ ذلك الحين تطورت العلاقات العلمية والثقافية والدعوية بين ماليزيا والأزهر، وعزز فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب العلاقة مع ماليزيا بزيادة المنح المخصصة للماليزيين للدراسة في الأزهر، ليصل عدد المنح إلى 38 منحة سنويًا، ووجه فضيلته بمضاعفة هذا العدد استثناءً للعام الحالي 2023/2024، حيث تجاوز عدد خريجي الأزهر في ماليزيا بعد الاستقلال 100 ألف خريج، مما يدل على متانة العلاقة بين الأزهر وماليزيا، وثقة الماليزيين في الأزهر، وتم توقيع بروتوكول تعاون بين الأزهر ووزارة التعليم الماليزية عام 1999 لتنظيم تدفق الطلاب الماليزيين إلى الأزهر، وتم تجديده عام 2022.

وفي إطار حرص الأزهر على تعزيز العلاقات مع ماليزيا، استضافت أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والخطباء منذ إنشائها عام 2018، عشرات الأئمة الماليزيين، لتدريبهم على كيفية التعامل مع القضايا الدينية المعاصرة، وصقل مهاراتهم في دحض أفكار الجماعات المتطرفة، ورفع وعيهم بقضايا التعايش والتكامل والأخوة الإنسانية، والتعامل مع الشبهات المثارة حول قضايا المرأة في الإسلام، وقضايا الجهاد والحكم وغيرها.

وفي مجال التعاون المشترك بين الأزهر الشريف وماليزيا في مجالات التعليم والدعوة والبحث العلمي، تم توقيع العديد من البروتوكولات والاتفاقيات، ففي ديسمبر 2008 تم توقيع بروتوكول تعاون بين الحكومة الماليزية وجامعة الأزهر، ينص على أن تنظم الجامعة برنامجاً دراسياً خاصاً ومتكاملاً وشاملاً للعلوم الإسلامية والعربية للطلاب والخريجين الماليزيين. وفي عام 2011 تم توقيع اتفاقية تعاون أكاديمي وتعليمي مشترك بين الأزهر وجامعة العلوم الإسلامية الماليزية لتعزيز التعاون في مجالات البحث العلمي وتبادل الأساتذة والطلاب، وتضمنت الاتفاقية تنظيم ورش عمل ومؤتمرات علمية مشتركة. وفي عام 2013 تم توقيع اتفاقية تعاون مع الحكومة الماليزية، تهدف إلى إرسال المزيد من الطلاب الماليزيين للدراسة في الأزهر، وتضمنت الاتفاقية أيضاً تنظيم برامج تدريبية للأئمة والخطباء الماليزيين في الأزهر.

وفي عام 2015 تم توقيع مذكرة تفاهم مع جامعة مالايا إحدى أقدم وأعرق الجامعات الماليزية لتعزيز التعاون الأكاديمي والثقافي، وتضمنت المذكرة تبادل الطلاب والأساتذة وتنظيم البحوث المشتركة. وفي عام 2017 تم توقيع اتفاقية تعاون في مجال الدعوة والتعليم الإسلامي مع جامعة السلطان إدريس التربوية لتعزيز التعاون في مجالات التعليم والدعوة الإسلامية، وهدفت الاتفاقية إلى تطوير المناهج وتبادل الخبرات بين الأساتذة والباحثين. وفي عام 2020 تم توقيع اتفاقية تعاون ثقافي وعلمي مع وزارة الشؤون الدينية الماليزية لتعزيز التعاون الثقافي والعلمي بين البلدين، وتضمنت الاتفاقية برامج تدريبية للمعلمين والأئمة، بالإضافة إلى تنظيم مؤتمرات علمية مشتركة.

تكريماً لجهود فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر في خدمة الإسلام وقضايا المسلمين والطلاب الوافدين، توج عام 2020 بجائزة الشخصية الإسلامية الأولى، وهي جائزة تُمنح لشخصيات عالمية متميزة تلعب دوراً بارزاً في خدمة الإسلام والمسلمين، وذلك بحضور رئيس وزراء ماليزيا وأعضاء الحكومة، خلال الاحتفال بذكرى الهجرة النبوية، حيث قرر سماحته التبرع بقيمة الجائزة المالية للطلاب الماليزيين الوافدين، لتلبية احتياجاتهم ورعايتهم.

ويستضيف الأزهر أكثر من 6500 طالب وطالبة ماليزي يدرسون في مختلف المراحل التعليمية من رياض الأطفال وحتى الدراسات العليا، بالإضافة إلى مجمع أزهري “دار القرآن الكريم” في ماليزيا والذي يضم 8 علماء أزهريين يقومون بتدريس العلوم الإسلامية والعربية لآلاف الطلاب الماليزيين، بالإضافة إلى خمس مدارس معادلة للشهادات الأزهرية وهي: (الشهادة الدينية العليا – معهد تحفيظ القرآن الكريم بسلطنة ترينجانو – كلية إسماعيل فطرة الإسلامية – معهد دار القرآن الكريم جاكم – معهد تحفيظ وقراءات القرآن الكريم).

يذكر أن رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم وجه دعوة رسمية لفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر لزيارة البلاد في 23 أكتوبر 2023، مؤكداً أن الشعب الماليزي ينتظر هذه الزيارة بفارغ الصبر نظراً لمحبته ومودته لفضيلته وانتمائه لهذه المؤسسة الإسلامية الموقرة، مشيراً إلى أن الأزهر هو أكبر مؤسسة إسلامية في العالم الإسلامي، وهو قبلة الطلاب الماليزيين لتعلم العلوم الإسلامية واللغة العربية.

للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .

مصدر المعلومات والصور: youm7

 

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من رأي الأمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading