أخبار عالمية

الاضطرابات الجيوسياسية تؤثر سلبا على الاقتصاد الإسرائيلى على المدى القريب والبعيد

القاهرة: «رأي الأمة»

وفي ظل تعنت الحكومة الإسرائيلية المستمر في إنهاء الحرب على غزة، ومع استمرار الاضطرابات الجيوسياسية في المنطقة ونشاط الوضع على الحدود اللبنانية، فإن هذه التأثيرات تظهر بشكل واضح على أداء الاقتصاد الإسرائيلي يوما بعد يوم، سواء في المدى القريب من خلال القرارات الأخيرة للحكومة الإسرائيلية بتقليص الميزانية الحكومية باستثناء وزارة الدفاع، أو في المدى البعيد مع خفض توقعات النمو الاقتصادي في ظل المخاطر العالية التي يتعرض لها الاقتصاد.

إن التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط، إلى جانب الاضطرابات السياسية المماثلة في أوروبا، وخاصة في فرنسا، وآثارها السلبية العميقة، تفرض تحديات اقتصادية عديدة وتعيق بسرعة الأداء الاقتصادي في إسرائيل، وتهدد بمزيد من التدهور إذا استمر عدم اليقين بشأن الوضع الحالي. ومن بين هذه التحديات العجز المالي المتزايد، وانخفاض التوقعات بشأن النمو الاقتصادي المتوقع، وضعف الشيكل مقابل الدولار، وزيادة الإنفاق الحكومي، وخاصة الإنفاق العسكري.

وبعد إعلان محافظ بنك إسرائيل، أمير يارون، خلال مؤتمر صحفي يوم الاثنين الماضي، عن إبقاء سعر الفائدة في إسرائيل عند مستوى 4.5%، مع خفض توقعات نمو الاقتصاد الإسرائيلي للعام الحالي من 2% إلى 1.5%، وكذلك خفض توقعات العام المقبل من 5% إلى 4.2%، جاء ذلك بالتزامن مع كشف المحاسب العام لوزارة المالية الإسرائيلية، يالي روتنبرغ، عن اتساع العجز المالي في إسرائيل خلال شهر يونيو/حزيران وحده ليصل إلى 7.6%، مقابل 7.2% في الشهر السابق.

وقال يارون في المؤتمر الصحفي إن “الأضرار التي لحقت بالاقتصاد الإسرائيلي ستكون أشد مما كان متوقعا في البداية”، مشيرا إلى أن “الطريق أمام الاقتصاد للعودة إلى ما كان عليه قبل السابع من أكتوبر ما زال طويلا”. وأكد أن بنك إسرائيل يواصل العمل لمساعدة الاقتصاد الإسرائيلي والجمهور على تجاوز هذه الفترة الصعبة ومساعدة فئات معينة من السكان تضررت سلبا.

في هذه الأثناء، تقدر وزارة المالية الإسرائيلية أن العجز المالي سيبلغ ذروته بحلول سبتمبر/أيلول المقبل، حيث تجاوز الإنفاق الحكومي منذ بداية العام 300 مليار شيكل، بزيادة قدرها 34.2% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وكان السبب الرئيسي في زيادة العجز هو الإنفاق الكبير على الوزارات الدفاعية والمدنية بسبب الحرب على غزة. ومع ذلك، حتى مع استبعاد نفقات الحرب، فإن الزيادة في الإنفاق الحكومي تبلغ حوالي 9.3%. وهذا مقارنة بزيادة بنحو 3.3% فقط في إيرادات الدولة، والتي بلغت منذ بداية العام حوالي 238 مليار شيكل، مقارنة بـ 230.4 مليار شيكل في النصف الأول من عام 2023.

وفي تصريحاته، دعا يارون الحكومة الإسرائيلية إلى اتخاذ قرارات وخطوات مهمة، حتى لو لم تكن هذه القرارات شعبية، بالإضافة إلى إجراء تعديلات كبيرة على حجم الإنفاق، وخاصة الإنفاق العسكري، من أجل محاولة ضبط مسار الاقتصاد الذي يتجه نحو اتجاه تصاعدي نحو التضخم.

وفيما يتعلق بحجم التضخم، رفع بنك إسرائيل توقعاته لمعدل التضخم خلال العام الجاري من 2.8% إلى 3%، وهو ما يعكس حالة الركود التي تعيشها الأسواق نتيجة قلة عدد العمال، وضعف سلسلة التوريد، والقيود المفروضة على استقدام العمال الأجانب، وخاصة في القطاعات الصناعية والبناء والزراعة، بالإضافة إلى استمرار القيود على استقدام العمال من داخل الأراضي الفلسطينية نتيجة القيود الأمنية التي تفرضها الحكومة الإسرائيلية، وهو الأمر الذي سيستمر حتماً خلال الفترة المقبلة مع استمرار التوترات والمواجهات في الضفة الغربية واحتمال استمرار الحرب على غزة أو اتساع دائرة الصراع في المنطقة على الحدود اللبنانية.

أما فيما يتعلق بالاحتياطيات النقدية وأداء العملة (الشيكل الإسرائيلي)، فبحسب أحدث البيانات الصادرة، بلغت احتياطيات النقد الأجنبي لإسرائيل في نهاية يونيو/حزيران 2024 نحو 210.278 مليار دولار، بانخفاض قدره 232 مليون دولار عن مستواها في نهاية مايو/أيار. ويعزى السبب الرئيسي للانخفاض إلى أنشطة الحكومة في النقد الأجنبي، والتي بلغت في مجملها 1.194 مليار دولار (وهو ما يشمل تحويل نحو 340 مليون دولار من قبل الحكومة إلى حساب صندوق مواطني إسرائيل لمواجهة عواقب الحرب الاقتصادية داخل الدولة). بالإضافة إلى ذلك، سجلت قيمة الشيكل انخفاضاً كبيراً أمام الدولار الأميركي بنسبة 1.4% خلال الشهر الماضي وحده، وهي الآن عند أضعف مستوياتها أمام الدولار منذ أبريل/نيسان الماضي.

ويشير خبراء اقتصاديون ومحللون إلى أنه فقط عندما يعود الشيكل إلى مستوى 3.6-3.65 شيكل للدولار، أي انخفاض بنحو 5%، سيكون من الممكن الحديث عن خفض أسعار الفائدة مجددا في إسرائيل.

وقال مودي شفرير، كبير الاستراتيجيين في بنك هبوعليم: “ضعف الشيكل مقابل الدولار الشهر الماضي لأسباب عالمية (قوة الدولار في الأسواق العالمية وضعف اليورو مقابل الدولار)، وكذلك لأسباب محلية – زيادة علاوة المخاطر في الاقتصاد المحلي، كما انعكس في انخفاض خطر التخلف عن السداد في الشيكل، والأداء الضعيف للبورصة المحلية، وزيادة العائدات في سوق سندات الحكومة المحلية في إسرائيل وزيادة الفارق بين العائد على سندات الدولار الإسرائيلي لمدة 10 سنوات وسندات الخزانة الأمريكية المقابلة”.

واتفق رونين مناحيم، كبير الاقتصاديين في بنك مزراحي تفاهوت، مع هذا الرأي، قائلاً: “إن تراجع الشيكل يرجع إلى قوة الدولار عالمياً وضعف الدولار محلياً، وهو ما ينعكس أيضاً في تراجع أسواق الأسهم، وخاصة في أسواق السندات. إن الارتباك وعدم اليقين يميزان جميع المجالات التي تعمل فيها السوق ــ الأمن والسياسة والاقتصاد. ولا توجد أي علامة على التحسن، أو أي اتجاه في أي منها”.

وقال جوناثان كاتز، كبير خبراء الاقتصاد في كابيتال ماركتس: “لكن لكي نتمكن من تخفيف حدة الوعكة الاقتصادية الحالية، نحتاج إلى رؤية بعض الهدوء النسبي في الوضع الجيوسياسي، سواء من خلال صفقة الرهائن أو وقف إطلاق النار. ومن شأن هذا الهدوء أن يعزز قيمة الشيكل ويقلل من علاوة المخاطر هنا، كما أن تقليل المخاوف من التصعيد في الشمال من شأنه أن يساعد أيضًا”.

وقال كاتز “من غير المرجح أن يحدث خفض أسعار الفائدة في الوضع الحالي، ولكن في وقت لاحق من هذا العام من المؤكد أنه ممكن”. “من الصعب للغاية التنبؤ بالقضايا الجيوسياسية. إذا رأينا وقف إطلاق النار وعودة بعض الرهائن على الأقل، فسيكون هناك رد فعل حاد في الأسواق ومن ثم يمكننا تسعير خفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام. يجب أن يأتي هذا التغيير أيضًا على رأس قائمة التخفيضات الموازية في أسعار الفائدة في جميع أنحاء العالم، وخاصة في الولايات المتحدة، وسياسة مالية أكثر تقييدًا. وبافتراض أن الحكومة الإسرائيلية تقرر حزمة من التدابير لعام 2025، فقد يدعم هذا تحقيق تقدم في الاقتصاد المتعثر حاليًا”.

للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .

مصدر المعلومات والصور: youm7

 

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من رأي الأمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading