مرصد الأزهر يسلط الضوء على معاناة المرأة المعيلة فى أفغانستان
أصدرت وحدة اللغة الفارسية بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف تقريرا بعنوان “الأعباء والضغوط على النساء المعيلات لأسرهن في أفغانستان”. وجاء في التقرير: أن مصطلح “النساء ربات الأسر” يشير إلى النساء اللاتي يتحملن أعباء الأسرة ومسؤولية خلق التوازن بين مسؤوليات الأمومة وتلبية احتياجات الأسرة بمختلف جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ ويرجع ذلك إلى غياب رب الأسرة لأسباب مختلفة مثل الوفاة والسفر والطلاق والمرض والسجن والبطالة وغيرها. وعليه فإن النساء ربات الأسرة يمثلن إحدى الفئات المجتمعية الأكثر عرضة للمعاناة من مشاكل مختلفة بسبب إلى المسؤوليات المعقدة الملقاة على عاتقهم والضغوط المرتبطة بهم، خاصة في اتخاذ القرارات الشخصية أو العائلية.
وتنتشر ظاهرة معيلة الأسرة بين الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، فوفقاً لهيئة الاستعلامات العامة، تبلغ نسبة الأسر التي تعولها نساء في أوروبا وأميركا الشمالية نحو 20%. وعلى المستوى العربي، يصل عدد الأسر التي تعولها نساء إلى 11% في المغرب، و22.6% في اليمن والسودان، و30% في لبنان. وفي مصر، يقدر عدد الأسر التي تعولها نساء بنحو 4.1 مليون أسرة، بنسبة تتراوح بين 22 و26%”.
وبحسب إحصائيات الأمم المتحدة فإن نسبة هؤلاء النساء في العالم أجمع تبلغ 42.9% من أسر العالم، و70% من الأسر ذات الأسرة الواحدة في العالم ترأسها نساء، و30% فقط يرأسها رجال، سواء كان الرجل أرملة أو مطلقة أو غير متزوجة.
وبشكل عام فإن القيود المفروضة على عمل المرأة، بالإضافة إلى ضعف التنمية والاقتصاد في البلاد، تؤدي إلى انتشار الفقر في المجتمع، وعدم المساواة بين الرجل والمرأة في مجالات العمل وفي فرص العمل و تؤدي الأجور إلى زيادة عدد الأسر التي ترأسها إناث بسبب حالات الطلاق والترمل وغيرها. ومن هذه العوامل ما جعل علماء الاجتماع يستخدمون مصطلح “تأنيث الفقر” للإشارة إلى اتساع دائرة فقر المرأة. أما أفغانستان، فتعاني تلك البلاد من ويلات الحروب والصراعات منذ أكثر من أربعين عاما، خلفت عشرات الآلاف من القتلى ومئات الآلاف من الجرحى، وأكثر من مليونين ونصف المليون لاجئ خارج البلاد، وأكثر من ثلاثة ملايين نازح. داخل البلاد، إضافة إلى التدهور الاقتصادي والصحي والنفسي الذي تعاني منه. بالنسبة لمعظم المواطنين الأفغان، تصبح الأعباء والمسؤوليات الملقاة على عاتق النساء المعيلات أكثر ثقلاً وتعقيدًا.
في عهد الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني، أعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أن عدد الأرامل والأيتام في أفغانستان بلغ ثلاثة ملايين ونصف المليون، معظمهن فقدن أزواجهن نتيجة حروب السنوات الأخيرة بين القوات الحكومية وطالبان (راديو آزادي، 14 سبتمبر 2023). ومع صعود طالبان إلى السلطة في أغسطس 2020، حُرمت شريحة كبيرة من النساء الأفغانيات من العمل في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية والمؤسسات الأجنبية ومنظمات الإغاثة. في حين أن معظمهن معيلات لأسرهن، مما يفرض أعباء إضافية على أكتافهن.
ورغم أن عمل المرأة في أفغانستان لم يتوقف بشكل كامل، إلا أن هناك بعض الطبيبات والممرضات والمعلمات والشرطيات لا زلن يمارسن وظائفهن، ويتعاملن بشكل رئيسي مع النساء والفتيات، ولكن مع الأزمة الاقتصادية الحادة التي تمر بها البلاد، ومع إغلاق المدارس الثانوية والجامعات أمام الفتيات، حلقة الوصل بين المرأة ومجالات العمل التي توفر لها الأمن المعيشي وتحفظ كرامتها. علاوة على ذلك، فإن النساء اللاتي يعملن في وظائف مختلفة يصبحن بين عشية وضحاها بلا دخل أو معيل.
تجدر الإشارة إلى أنه لا توجد إحصائيات دقيقة حول عدد النساء اللاتي فقدن وظائفهن بعد التغيرات السياسية الأخيرة في أفغانستان، إلا أن الأمم المتحدة أصدرت بيانا أشارت فيه إلى أن “عمل المرأة في الربع الرابع من عام 2022م” بانخفاض 25% مقارنة بالربع الثاني من 2021». م” (دويتشه فيله، 14 يوليو 2023م)، وهذا يعني تزايد عدد المعيلات، اللاتي تجبرهن هذه التغيرات والضغوط على الانخراط في صراع يومي من أجل البقاء – وأسرهن – على قيد الحياة.
عواقب عدم توفير العمل للنساء المعيلات
وكان لقرار منع بعض النساء من العمل وفرض قيود على عمل أخريات، آثار سلبية على اقتصاد الأسرة الأفغانية، وعلى الصحة الجسدية والنفسية لأفرادها، حيث أجبرت هذه الظروف القاسية المعيلات على العمل لساعات طويلة مقابل أجر. انخفاض الأجور في منازل ذوي الدخل المنخفض. وقال اتحاد النساء إن “العاملات الأفغانيات” قال إنه لا توجد قوانين تحمي النساء اللاتي يعملن خادمات في منازل الناس (روز ريبورتس، 25 مايو 2021)، كما يتعرضن لسوء المعاملة والاستغلال، بالإضافة إلى عدم الالتزام بساعات عمل محددة، بالإضافة إلى لجوء العديد منهن إلى التسول أو تأجير أبنائهن. ; بسبب الفقر المدقع والعوز” (اتصالات روز 12 مارس 2023م). وقالت مريم معروف أروين، إحدى الناشطات في مجال حقوق المرأة الأفغانية، إن معظم المتسولين في البلاد هم من النساء اللاتي يرتدين الشادور، وبحسب قولها فإن نسبة كبيرة منهم من النساء. النساء المتعلمات اللاتي كن يعملن في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، لكن الآن ليس لديهن وسيلة أخرى لإعالة أسرهن سوى التسول (هشت صبح، 4 أكتوبر 2022م). كما تضطر بعض النساء المعيلات إلى العمل في الأراضي الزراعية، حيث يعملن في جمع المحاصيل واقتلاع الأعشاب الضارة من الساعة الخامسة والنصف صباحا حتى نهاية اليوم لـ 150 أفغانيا، والمحظوظات هن من تجد هذا العمل (هشت صبح 23 ديسمبر 2023م).
وهكذا نجد أن الأسر التي ترأسها نساء لم تتوقف احتياجاتها بسبب قرار منع المرأة من العمل أو فرض قيود على عملها، بل استمرت عجلة الحياة، واستمرت الحاجة إلى التمويل وتلبية الاحتياجات، لذلك واضطرت المرأة المعيلة إلى قبول العمل في وظائف لا تحفظ لها كرامتها أو حقوقها في كثير من النواحي. وفي أغلب الأحيان، لا يتم تلبية احتياجات أسرتها. وذلك لأن الأرامل والمطلقات والمعيلين يشكون من تدهور حياتهم بسبب منعهم من العمل، والقيود المفروضة عليهم عند خروجهم من منازلهم، ويحاولون البحث عن مصدر دخل لإعالة أسرهم. تقول “سينم” البالغة من العمر 18 عاماً وتعيل أسرتها بعد وفاة والدها، إنها اضطرت للعمل في مركز لخياطة الملابس: “منذ فرض القيود على عمل المرأة، انخفض دخلي الشهري بمقدار الضعفين”. “الثلث، ولم أعد قادراً على الذهاب إلى السوق لشراء مستلزمات العمل، أو بيع بعض المنتجات بدون محرم، قبل أن كنت أكسب حوالي 78 دولاراً في الشهر، والآن لا أستطيع سوى 22 دولاراً” (موقع اليونيسف، 25 يناير/كانون الثاني). ، 2023). جدير بالذكر أن الحكومة الحالية خصصت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية مبلغ 12 مليار أفغاني خلال العام الحالي للأيتام والأرامل. وبحسب إحصائيات هذه الوزارة فإن هناك 500 ألف أرملة في أفغانستان، 2% منهن معيلات لعائلاتهن، وتعمل الوزارة على تقديم المساعدات النقدية لهن (راديو آزادي، 14 أيلول/ سبتمبر 2023). وبمقارنة هذه الإحصائية بإحصائيات حكومة الرئيس الأفغاني السابق نجد فرقا كبيرا بين ثلاثة ملايين ونصف مليون في الماضي ونصف مليون فقط في عهد الحكومة الحالية. ولعل السبب هو أن إحصائية الحكومة السابقة شملت الأرامل والأيتام، بينما الإحصائية الحالية تشمل الأرامل فقط. لكن تبقى المشكلة أن هناك مئات الآلاف – وربما الملايين – من الأسر التي تحتاج إلى الدعم.
ويرى مرصد الأزهر لمكافحة التطرف ضرورة العمل المستمر من كافة الجهات المعنية لتقديم الدعم المادي والمعنوي لأسر ربات الأسر من خلال فتح بعض المشروعات الصغيرة التي يستفيدون منها، أو إقامة المعارض لتسويق منتجاتهن، أو تقديم الدعم المالي بشكل دوري، من خلال رعاية بعض احتياجات أسرهم الأساسية. هذا بالإضافة إلى الاهتمام بهم نفسياً وتقديم التوجيه لهم في كيفية التعامل مع المشكلات التي يواجهونها في تربية أبنائهم. تعاني المرأة التي تقوم بدور الأب والأم من ضغط نفسي شديد نتيجة الأدوار المعقدة والأعباء المتزايدة، وتحتاج إلى رعاية وتوجيه نفسي.
للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .
مصدر المعلومات والصور: youm7