مصر

المفتى: القرآن الكريم أجل وأعظم معجزة أجراها الله على يد نبى من الأنبياء

القاهرة: «رأي الأمة»

قال الدكتور نذير محمد عياد مفتي الجمهورية، إن القرآن الكريم هو أعظم وأعظم معجزة أجراها الله تعالى على يد أحد الأنبياء، وهي معجزة فريدة في نطاقها وهي لا مثيل لها من معجزات أنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

وأضاف خلال افتتاح المؤتمر العلمي الدولي الأول حول الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة، والذي تنظمه جمعية الإعجاز العلمي المتجدد، تحت رعاية جامعة الأزهر، على مدار يومين، في القاهرة. بحضور جماعة من العلماء، فقد اختص القرآن الكريم وانفرد في كثير من الأمور دون غيرها من الإعجاز، منها:

أولاً: إن معجزات الأنبياء والرسل كلها معجزات حسية، لا تصلح إلا لمن لم تؤهله استعداداته الفكرية والعقليية لمعجزات أخرى.

أما معجزة القرآن الكريم فهي معجزة عقلية. وجاء مطابقاً لمرحلة الكمال الإنساني ونضج الفهم العقلاني والعلمي التي تزامنت مع عصر النبوة وما تلاه. وكان كما قال القرآن: آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم في قوله تعالى: “بل هي آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم”. إلا كذب الظالمون بآياتنا». (العنكبوت: 49).

ثانياً: معجزة القرآن الكريم خالدة أبدية، تدوم ما دام الناس موجودين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، بخلاف المعجزات المؤقتة الملموسة التي تنتهي وتنتهي بانتهاء أجلها ومدتها.

ثالثاً: الأدلة القرآنية على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ليست كدليل المعجزات الأخرى. لأن ما عداها، وإن كانت أعمالاً لا تظهر إلا على أيدي الأنبياء.. إلا أنها منقطعة عن وظيفة النبوة، ومقاصد الوحي، ومعنى الشرع. أما القرآن فدليله على صدق النبوة وصدق الدين كدليل الشفاء للطب، والقرآن يحمل معجزته في ذاته ليبقى شاهدا ودليلا على صدق الادعاء. والرسالة معا. يقول العلامة ابن خلدون: (القرآن نفسه هو الوحي المزعوم، وهو خارق للإعجاز، شهده بعينه، ولا يخلو من دليل يناقضه مع الوحي. ومغزاه واضح). لاتحاد الدليل والمعنى الذي فيه).

ومن هنا كان القرآن الكريم امتدادًا لرسول الله بين الناس، وحجة لكل من وصلت إليه آيات هذا القرآن، وفهم الدعوة إلى الله الواردة فيها. وهو رسول في الناس حتى يرث الله الأرض ومن عليها. “وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ” (الأنعام: 19).

رابعاً: تعهد الله تعالى بحفظ القرآن الكريم وحمايته من التحريف والتحريف والتبديل، ليبقى شاهداً على صدق دعوته، ولتستمر بين الناس. لأنه خاتمة الرسالات السماوية، ولأنه آخر كلمة من الله عز وجل إلى الناس: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) (الحجر: 9).

تواجه الدعوة الإسلامية في الواقع المعاصر العديد من التحديات، وكان التحدي الأكبر الذي يواجهها في الواقع، ولا يزال، هو: جمود الفكر الديني، الذي لم يتمكن في بعض الأحيان من مواكبة الواقع وتطوراته بالشكل المطلوب، وبما يلبي متطلباته. تطلعات المجتمعات الإسلامية في الشرق والغرب، وكان هذا هو السبب الرئيسي. وهذا الركود يعني التوقف عند الحد الذي أطره التراث، إضافة إلى ضعف التكوين العلمي والمنهجي لدى الشباب الباحثين في الواقع المعاصر. وقد أدى هذا الركود إلى ظهور العديد من الأفكار التي تضر بالفكر الديني ومخرجاته في العصر الحديث، كما أدى إلى – ميل الكثير من الشباب نحو التطرف والإلحاد.

وفي هذا الصدد، لا أنوي أن أجلد نفسي. حاشا لي أن أفعل ذلك فأنا جزء من هذه المنظومة الفكرية والدينية المنوط بها توضيح الحقائق والتعامل مع الواقع واستشراف المستقبل بما يحقق التقدم الحضاري والعمراني للناس، ويؤسس فيهم الحق الصحيح. المفاهيم التي توفر لهم السلام والأمن المجتمعي.

لكن حديثي عن: جمود الفكر الديني وضرورة يقظته واستيقاظه بما ينفع الناس، هو بمثابة تأجيج الهموم ونقد الذات وتعزيز الموضوعية والنصح والإرشاد، ودفع شباب الباحثين إلى الجدية. ، مجتهدًا ومراعيًا، نحو تأطير جدي يوفق بين النصوص الدينية ومتطلبات الواقع المعاصر ومستجداته. وهذا أمر خطير جداً، وأرجو من الله عز وجل أن يتقبل كلامي ويستجيب له. اللهم آمين.

إننا نجتمع اليوم لمناقشة قضية خطيرة للغاية، وهي مسألة “الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة”. ولا تخرج هذه المسألة في مضامينها ومفاهيمها عما ذكرته في السياق السابق من ضرورة تناول الفكر الديني وأطروحاته ودلالاته المتعلقة بقضايا الإعجاز العمياء في الكتاب والسنة.

لم تكن قضية “الإعجاز العلمي” مشهورة بين السلف كما أصبحت في الواقع المعاصر، ومن وجهة نظري فإن سبب شهرتها في الواقع يعود بشكل رئيسي إلى الإنجازات والاكتشافات العلمية والكونية الحديثة، والتي وتتوافق أحياناً أو تتعارض مع ظواهر النصوص الدينية، ثم تلاشت. ويحاول المؤمنون بالله عز وجل التوفيق بين هذه النصوص وتلك الإنجازات والاكتشافات، بهدف إثبات العملية الإعجازية المذكورة في النص، وأنه يسبق هذه الاكتشافات، بل ويحكم عليها. ومن وجهة نظري فإن الفكر الديني – بمعناه العام – وقع في أمرين خطيرين للغاية في هذه المرحلة: الأول. المبالغة والتصنع والمبالغة في تكييف النصوص الدينية وإخضاعها لتتماشى مع الإنجازات والاكتشافات الكونية والإنسانية للإنسان المعاصر.

ثانياً: لم يدرك الفكر الديني في كثير من دراساته ضرورة التمييز بين الفرضيات العلمية والحقائق، وأن الفرضيات مجرد فرضيات أولية وأولية متغيرة ومتجددة وغير ثابتة، على عكس الحقائق التي لا تثبت. يتغير بتغير الزمان والمكان، وقد وجدنا في كثير من الدراسات تناقضات غريبة كثيرة بالغت واجتهدت في إخضاع النص الديني لتلك الافتراضات التي تطورت وتغيرت فيما بعد.

ولا شك أن هذه الأمور الخطيرة مثلت عائقا كبيرا أمام الدعوة الإسلامية وحجج إيمانها، التي لم تكن أبدا موضع شك أو جدل. وقد استغل المتشككون والملحدون هذه الفرصة الثمينة لهم، واستغلوا هذا التناقض الذي عززته العديد من الدراسات الدينية حول مسألة المعجزات. واستغلوا ذلك – بلا أدنى شك – للتشكيك والترويج لأفكارهم الإلحادية المنحرفة، وقد وجدنا أن الكثير من الشباب اتجهوا نحو الإلحاد بسبب هذا التناقض العجيب وهذا التشكك المريب.

وكان الإهمال الشديد والحماس المبالغ فيه في هذه الدراسات سببا في الترويج للفكر غير الديني، في حين أنها قصدت تعزيز اليقين بالله عز وجل. قال: فكم من طالب الخير لم يدركه.

وأنا شخصياً سمعت بعض المتشككين يقولون إن مسألة “الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة” هي السبب الرئيسي لانتشار الإلحاد. كيف ترد على هذا؟

لقد آن الأوان لوضع أطر معرفية ومنهجية لمسألة الإعجاز في القرآن الكريم والسنة النبوية، بما يضمن الحفاظ على حقيقة الإيمان التي هي في الأساس “الإيمان بالغيب”. خاضعة للاختبار والتكليف، وبما يضمن أيضًا عدم المبالغة في التعامل مع هذه القضية، والتي يمكن… أن تؤدي إلى ردود فعل عكسية غير مرغوب فيها.

وأعتقد أن اجتماعنا في هذا المؤتمر يمثل فرصة مناسبة للاتفاق على هذه الأطر المعرفية والمنهجية، والتي يمكن في رأيي أن تشمل ما يلي:
أولاً: ضرورة التدريب العلمي والمنهجي الجاد للباحثين الذين يناقشون قضايا الإعجاز العلمي. وإلا فكيف يمكن للباحث الذي لا يملك الأدوات الشاملة المتعلقة بقضايا الإعجاز أن يكتب عنها أو يتعامل معها بالتحليل والدراسة؟! وقد اطلعت على كثير من هذه الدراسات والأبحاث التي لا يملك مؤلفوها هذه الأدوات، فوجدت نتائجها ليست سلمية ولا منهجية.

ثانياً: ضرورة التكامل المعرفي والثقافي بين الدراسات الإسلامية والإنسانية، نحو صياغة محتوى ديني مناسب يناقش قضايا الإعجاز العلمي المعاصر، بما يمكن من التوفيق بين النصوص الدينية والحقائق العلمية. وأعتقد أن هذا التكامل سيضمن لنا بشكل نهائي عدم ركود الفكر الديني تجاه قضايا المعجزات أو المبالغة فيها. وبالتالي، لن تكون هناك فرصة للملحدين للتشكيك في الأسس الدينية الأصلية.

ثالثاً: ضرورة الاتفاق على صياغة ضوابط معرفية ومنهجية للتعامل مع قضايا الإعجاز العلمي، بحيث تكون هذه الضوابط الأسس الأساسية للدراسات الإعجازية وتحكمها. وهذا يتطلب منا بذل جهود حثيثة لصياغة هذه الضوابط وتوحيدها بين الباحثين والمهتمين بالقضايا العجائبية.

رابعاً: ضرورة التنسيق المؤسسي نحو تطوير برامج تدريبية وعلمية دورية تعنى بتأهيل الباحثين والمفتين والدعاة والأكاديميين في المؤهلات المعرفية والثقافية والحجية. تمكنهم من التعامل مع قضايا الإعجاز العلمي بالأسلوب الصحيح الذي يزيل الشبهات ويعزز اليقين بالله عز وجل.

كما أؤكد لكم أننا في دار الإفتاء المصرية نطمح إلى التعاون الجاد معكم نحو تصحيح المفاهيم المغلوطة حول قضايا الإعجاز العلمي، وصياغة الضوابط المعرفية والمنهجية له، وكذلك تفعيل توصيات ونتائج هذا المؤتمر المبارك.

للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .

مصدر المعلومات والصور: youm7

 


اكتشاف المزيد من رأي الأمة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من رأي الأمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading