مصر

"لغة القرآن والحفاظ على الهوية" موضوع خطبة الجمعة اليوم

القاهرة: «رأي الأمة»

حددت وزارة الأوقاف المصرية موضوع خطبة الجمعة يوم 4 جمادى الآخرة 1446هـ، الموافق 7 ديسمبر 2024م، بعنوان: لغة القرآن والحفاظ على الهوية.

وقالت وزارة الأوقاف إن الهدف من هذه الخطبة هو توعية جمهور المسجد بالاهتمام الكبير باللغة العربية وتربية الأجيال على إتقانها، ولفت انتباه الجمهور إلى حقيقة إتقان اللغة العربية. وهو ما يحمي من الإرهاب ويفتح الفهم على كنوز أنوار القرآن الكريم ومعانيه السامية.

وأكدت الوزارة أن اختيار هذا الموضوع يتزامن مع انطلاق فعاليات المسابقة الدولية للقرآن الكريم في دورتها الحادية والثلاثين، والتي ستبدأ يوم السبت 7 ديسمبر 2024م، تأكيداً على دور اللغة العربية باعتبارها لغة القرآن الكريم. وركيزة أساسية في الحفاظ على الهوية الإسلامية.

وفيما يلي نص خطبة الجمعة:

لغة القرآن والحفاظ على الهوية
الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، حمداً كافياً لنعمه وأكثر من ثوابه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن ربنا سيدنا قرة قلوبنا، وقرة أعيننا، وتاج رؤوسنا، محمد عبده ورسوله، أطهر خلقه وحبيبه، أرسله الله تعالى. رحمة للعالمين، وخاتمة للأنبياء والمرسلين، فشرح صدره، ورفع قيمته، وأكرمنا به، وجعلنا أمته. اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

اللغة العربية هي بداية بناء الحضارة، وخلق الفكر، والارتقاء بالذوق، والخوض في مجالات الجمال. اللغة العربية هي التي تقوي العقل. اللغة العربية هي التي تحمي العقل من الخطأ. اللغة العربية هي بداية استخراج المعاني في القرآن الكريم. فهو مفيد للعقل والفكر والذوق. اللغة العربية معصومة من الإلحاد والإرهاب. اللغة العربية هي الأمن القومي. اللغة العربية هي الحصن وبداية التقدم والرقي. اللغة العربية ثقافة وجمال وحياة.

أيها الناس، احترزوا لغة القرآن. أليست اللغة العربية لغة المعجزات التي اختارها الله تعالى لتكون وعاءً؟ ومن عظيم كلامه يقول ربنا سبحانه: {إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون}، ويقول سبحانه: {و وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا وأنزلنا فيه بعض الوعد لعلهم يتقون أو يأتي لهم ذكر. للعالمين * نزله الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين}.

أليست اللغة العربية هي التي تفتح كنوز فهم تفسير القرآن، وتكشف لنا أسراره، وتكشف لنا درره، وترشدنا إلى مقاصده؟! ومن يملك اللغة العربية فهو وارث كريم لمحمد، سلكه سبل الوصول. اسأل الرازي كيف فتح مئات الأشخاص أمام عينيه. مسائل وأسرار وأضواء وهو يعيش مع سورة الفاتحة؟! اسأل عبد القاهر الجرجاني كيف اخترع نظرية النظم التي حيرت العقول والأفهام، وجعلت العالم ينحني له خشوعاً. لغة القرآن؟! بل تعمق في عقل الطاهر ابن عاشور وهو ينقلك بين حدائق اللغة لتحرر مقاصد الشريعة وأهدافها في خليط عبقري فريد. وقبل ذلك كان السيوطي المزدهر الذي جمعت له علوم اللغة ليخرج تحفته المحفوظة “الإتقان في علوم القرآن” وكانت مليئة بأسرار اللغة و أشياء أخرى.

يا محمد! أما أدركتم أن اللسان النبوي قد أوتي أجمع الكلمات؟ أما رأيت ما نحن فيه من نعيم متسارع ونحن نتتبع كل حرف بليغ، بل كل نفس؟ وأنبل من أنفاس حضرته صلى الله عليه وسلم؟ حديث نبوي واحد يكفي ليرسم صورة لغوية فريدة لا مثيل لها، ولا بد من استخراج اللؤلؤ منه. والدرر، ويقوم عليه العلم والمعرفة.

عش بعقلك وقلبك مع أساتذة اللغة، وتأمل إنتاجهم العلمي وتراثهم الفكري، لتكشف لك كتبهم أسرار القرآن. والأضواء؛ ليدهش عقلك وقلبك، وحينها لن يكون أمامك إلا أن تقول: {كلا نرزق هؤلاء وأولئك من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا}.
انظر إلى مكتبات العالم التي تمتلئ بملايين المصنفات اللغوية ومشاكلها. عش مع فهارس ملايين المخطوطات في مختلف العلوم لترى كيف قامت حضارة لا تنضب بركاتها؟ بل تأمل معي كيف يُبنى الإنسان في دوائر الأزهر، وأعمدة جامع الزيتونة، ودروس… مدرسة الفاتح، ثم اذهب إلى نواكشوط لتسمع ألفية ابن مالك في شوارعها، و غنوا الأطفال ورددوها في أحد المشاهد. مذهل، وكأني أقول لك الآن: يا خالق هذا الجمال سبحانك!

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

اللغة العربية ليست مجرد أداة للتواصل، بل هي الناقلة للتراث الإسلامي والفكر العربي. اللغة العربية هي هويتنا. إنها عصمة هويتنا، هي حصن هويتنا، هي تراثنا، هي تاريخ أجدادنا، هي حاضرنا، هي مستقبلنا المنشود، وإذا كانت كل أمة تفتخر بلغتها كثيرا وكان يغار منه. لأنه رمز سلطانها، ودليل بقائها، وعنوان شخصيتها، والطريق إلى مجدها. ترى أن الإنجليز فخورون جدًا باللغة الإنجليزية. ونشروها في كل أنحاء العالم، والفرنسيون أيضًا، واليابانيون أيضًا، فكيف باللغة العربية التي اختارها الله تعالى لتكون لغة القرآن العظيم، ومفتاحًا لفهم سنة النبيين. النبي الأمين صلى الله عليه وسلم؟!
إن الاهتمام باللغة العربية ليس ترفاً، ولا هو مكمل ولا إضافي. بل هو في صلب معالجة أزماتنا المعاصرة من خلال بناء وعي واسع ومنطق بليغ يفهم البنى اللغوية ويدرك معاييرها. حتى ينتقي أحلى الكلمات مع الخواطر التي تستقيم العقل.

يا أهل مصر المحروسة أعيدوا للغة العربية مجدها وكرامتها. حصنوا عقول أطفالكم بتعلم اللغة العربية. بناء وعيهم. في لغة القرآن، ليكن هدفك الوصول إلى الأجيال الجديدة في عالم التواصل الاجتماعي، مدى حبهم للغة، وتعلقهم بجمالياتها. أعيدوا الشخصية المصرية، فالشخصية المصرية تستمد هيبتها من لغتها الجميلة.

اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا واحفظ بلادنا وارفع رايتها في العالمين.

للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .

مصدر المعلومات والصور: youm7

 


اكتشاف المزيد من رأي الأمة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من رأي الأمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading