بهاء نبيل يكتب: "سن الغزال" محاولة يائسة لتحقيق أمنية أخيرة
في الثلث الأخير من فيلم سن الغزال للمخرج سيف هماش، الذي يعرض عربيا لأول مرة في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الخامس والأربعين، نشاهد مسرحية أبطالها أطفال يحاولون الوصول إلى أمهم المنفصلة عنهم. منهم جدار كبير. يحاولون إرسال طائرات ورقية لها ويفشلون. يحاولون التحدث معها، لكن دون جدوى، حتى يتذكروا زيت الزيتون السحري الموجود في الشجرة المجاورة لهم، وبسحره يتمكنون من لم شملهم مع والدتهم مرة أخرى.
بهذا المشهد البسيط الذي تهيمن عليه براءة الأطفال وأحلامهم التي لا يمكن تحقيقها، ينقل المخرج همش المغزى من القصة التي صنع عنها الفيلم، وهي الرحلة المحفوفة بالمخاطر للشاب وسام الذي يعيش في مخيم الدهيشة. المعسكر الذي تم تصوير الفيلم فيه، وذلك لتحقيق رغبة أخيه الصغير. رمي أحد أسنانه اللبنية في البحر. تموت البراءة التي تتحدى قسوة العالم، لكن رغم ذلك، هناك دائمًا «السحر» الذي يدفع الأحلام إلى الأمام.
نتابع إذ تبدأ قصة الفيلم المؤثرة مع وسام ووالدته وهما ينعيان شقيقه الصغير الشهيد خالد، ضمن أطفال آخرين استشهدوا على يد قوات الاحتلال في فلسطين. ثم يقضي وسام جزءًا كبيرًا من الفيلم وهو يتذكر خالد ويتذكر الوعد الذي قطعه له عندما فقد الطفل الصغير سنه اللبني. وذلك بإلقاء ضرس الطفل في البحر الذي أحبه خالد وكان يتمنى زيارته دائمًا.
يجد بطل الفيلم سن خالد اللبني مخبأ في أدراجه – مصحوبة بأغنية أطفال قديمة “يا بحر يا بحر، خذ سن الحمار وأعطني سن الغزال” – فيقرر الشروع في الرحلة المحفوفة بالمخاطر وراء الجدار للوصول. البحر وتحقيق رغبة أخيه الأخيرة.
ورغم أن صاحب العمل وصديقه يدينان هذه الأفكار ويطلبان منه التركيز على حياته وعمله بدلاً من ذلك، إلا أن الوفاء بوعده لخالد يلتهم وسام ويتملكه ليصبح كل ما يمكنه التفكير فيه. في النهاية، ينطلق وسام في مغامرته خلف الجدار، حيث يتحول تقليد الطفولة البسيط إلى رحلة. رجل حوّل الحزن إلى مرونة وأمل، وحوّل ما ينبغي أن يكون طقسًا خفيفًا للأطفال إلى عمل من أعمال المقاومة.
ومن خلال أسلوب بسيط ومؤثر، يصور الفيلم الحواجز المادية والرمزية التي يواجهها اللاجئون الفلسطينيون في حياتهم اليومية، ويسلط الضوء على محاولة هماش تصوير الصراع الداخلي الذي يعيشه الفلسطينيون – خاصة أولئك الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين – بين عدم قدرتهم على التكيف مع الحياة. الواقع السياسي والتاريخي المفروض. فمن ناحية رغبتهم في تحقيق الذات رغم المخاطر المحيطة بهم.
تم تصوير الفيلم في مخيم الدهيشة للاجئين الذي أنشئ عام 1949 على مساحة 0.31 كيلومتر مربع ضمن بلدية بيت لحم في الضفة الغربية. مخيم الدهيشة هو واحد من 68 مخيماً للاجئين الفلسطينيين منتشرة في المنطقة والدول المجاورة، ويسكنها سكان أصلاً من أكثر من 45 قرية غربي القدس والخليل.
للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .
مصدر المعلومات والصور: youm7